بحث في هذا الموقع ابــو حـــــمــزه الأحـــــــــــواز​ي

الخميس، 19 يناير 2012

خطاب الأسد: عندما يتحول الشعب والوطن إلى كلمات




د. علي الخشيبان :
أهم الملاحظات الراسخة في ذهني عن جميع الرؤساء العرب الذين سقطوا في فصل الربيع العربي أنهم يتحدثون في خطاباتهم الأخيرة قبل أن يرحلوا أن الشعب يريدهم ، بل إن بعضهم أكد أن الملايين سوف تزحف من أجله ، بينما لم يسألوا أنفسهم أن الشعب لم يأت بهم حتى يظل راغباً في بقائهم.
لا أحد يعلم تحت أي فرضية يمكن أن يقول رئيس دولة ، شعبُه ثائر عليه منذ قرابة عام كامل، إن الشعب يريده؟
هذا سؤال منطقي ، ومن الجانب الآخر يجب التفكير وبشكل كبير بطريقة الحكم على الشعوب فكيف يصرح رئيس دولة أن شعبه يرغب فيه بينما يقوم أعوانه بقتل الشعب بدم بارد في الساحات والميادين؟!
بعد خطاب الرئيس بشار الأسد والذي تحدث في خطابين منفصلين عن الوضع في سورية تسارعت الأسئلة حول حقيقة الوضع ليس في الشارع فقط بل حتى في دائرة الحكم وفي التعبيرات النفسية للنظام ذاته.
بغض النظر عن المكان أو اللغة المستخدمة، وبعيداً عن البحث في مواقع الأمل أو التشاؤم في خطابه فهناك حقيقة مهمة لابد وان ننتبه إليها، هذه الحقيقة تقول الوضع مرعب في سورية أكثر من الرعب ذاته، وكان ذلك باديا على وجوه الجميع مراقبين وشعباً ، ولكن الأكثر رعبا هو ذلك الخوف والقلق الذي ظهر به الرئيس بشار الأسد في آخر خطابين له فلم تكن مؤشرات الخطابين سوي صور نفسية لكمّ القلق والخوف من الوضع الدائر هناك.
الرعب أكده الرئيس نفسه فلقد كانت كلمات الرئيس غير قادرة على بعث الاطمئنان على أن هناك بارقة أمل، وتضاعف الاتهام للمخربين دون إجابة مقنعة من النظام نفسه ، فكيف ولد الإرهاب، وكيف ولد المخربون بين عشية وضحاها في دولة تحكم قبضتها على الشعب وأنفاسهم بيد من فولاذ؟
لا أحد يشك في أن الشعب السوري وتحت ذريعة الإرهاب يتعرض للكثير من القتل والتدمير وفي ذات الوقت يتم تبرير هذا التدمير بصورة غير منطقية من قبل النظام، وهذا يعكس ثقافة الحكم في الكثير من دول العالم العربي حيث يظل الرئيس ونظامه هما المصدر الإجباري للحقيقة ولكن كما يبدو أن هناك تحولا في إمكانية تحقيق هذه الفرضيات مرة أخرى.
التناقضات الصارخة في التصاريح الصحفية التي يبديها أعضاء بعثة جامعة الدول العربية لا تبشر بخير حول استمرار مسلسل القتل للشعب السوري فهم ينقلون لنا صورة حقيقية عن الواقع، وتناقضُ تصريحاتهم التي تبين حجم الرعب الذي يعيشه السوريون يجعل المشهد أكثر فظاعة مما نتوقع.
خطاب الرئيس الأسد هو محاولة لسد النوافذ الصحفية التي أطلقها المراقبون العرب عن الوضع في سورية وخصوصا في المناطق التي يزورها أعضاء البعثة ، فلم يتوقف مشروع التبرير عند هذا الحد فقد كان قتل الصحفي الفرنسي مشروعاً آخر من الرعب المقصود فوسائل الإعلام العالمية سوف تفهم الرسالة كما فهمتها جامعة الدول العربية التي عجزت حتى عن صد إرهاب مرافقيها عندما يتوجهون إلى مواقع المظاهرات.
الخيال العلمي الاستخباراتي لدى النظام السوري يبدو أنه فقد بعض خصائصه في حبك القصص البوليسية بطريقة محكمة ، وهذا ما انعكس في حادثة الصحفي الفرنسي، كل هذه المؤشرات تعطينا دلالة مؤكدة على نهاية حتمية للنظام ولكن السؤال يقول : هل سيكون بشار كالقذافي مقاتلاً حتى آخر أنبوب لمجاري المياه..؟
لا أعتقد أن بشار يمكن أن يماثل القذافي فالمعطيات الشخصية مختلفة والطبيب دائما يفضل النهاية التي يكون سببها الأدوية، بمعنى دقيق إذا كانت الأدوية سبباً من أسباب الشفاء فهي كذلك قد تكون سبباً من أسباب الموت.
القضية محسومة ولن تعود سورية النظام كما كانت ولكن ما ينتظره الشعب السوري هو عودة سورية العرب حرة إلى شعبها من - بيت الأسد -، وما هي إلا أسابيع وتبدأ فصول النهاية بعد معركة التحضيرات للنهاية والجميع سوف يساهم في تحديد هذه النهاية لأنها تكتب اليوم بطريقة واضحة.
لماذا يكرر الرئيس الأسد في جميع خطاباته أن ما يحدث في بلده هو مؤامرة دولية على سورية بينما لم يكن الثائرون هم من شعوب (الواق واق) الثائرون هم الشعب السوري وليس لهم علاقة بمؤامرة دولية أو محلية فكل ما يرددونه خلال الأشهر الماضية هو الحرية ورحيل النظام فقط.
قال الرئيس الأسد في خطابه نصاً أعتقد انه كان تحضيرا غير مباشر لما حدث للصحفي الفرنسي فقد أشار إلى انه سيرعب كل هؤلاء وان سورية أصبحت ملكا له وليس أكثر فقد قال في خطابه : "عشرات محطات التلفزيون والصحفيين في العالم يكرسون جهودا خاصة لإسقاط سورية من خلال دعاية كاذبة. هذا هو السبب الذي يجعلني لا أسمح للصحفيين الأجانب بدخول سورية كي لا يتجولوا عندنا لفبركة أفعالهم ضدي".. انتهى كلامه.
أما عن الجامعة العربية التي حاولت طوال الأشهر الماضية الدفاع عن النظام السوري وكسبت رضا النظام السوري في مقابل غضب الشارع العربي ، قال الرئيس بشار الأسد عن هذه الجامعة "هذه ليست جامعة وليست عربية".
المؤشرات تقول إن الأسد سيغادر السلطة خلال الأسابيع القادمة وسيكون الشعب السوري حراً، والجيش السوري حراً، هذه ليست أمنيات ولكنها توقعات قريبة الحدوث يبنيها خبراء السياسة وروادها وفقا لما يحدث على ارض الواقع ولكن كم من التغيرات في المنطقة التي يمكن أن تبرز نتيجة اختفاء النظام في سورية
إذا ما ذهب النظام السوري فسوف يصاب حزب الله في لبنان بالعمى وسوف تصاب إيران بالصمم أما العراق فسوف يصاب بشلل نصفي يعجزه عن الحركة ، حيث من المتوقع أن يقوم الأصم بحمل الأعمى على كتفيه وأمامهما عربة المشلول الذي يرى ولكنه لا يستطيع أن يغير من مسيرة الأصم الذي لا يسمع شيئا بينما يظل الأعمى فاقداً للاتجاه يسمع الكلام ولكن لا يعلم أين مصدره.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق