بحث في هذا الموقع ابــو حـــــمــزه الأحـــــــــــواز​ي

الجمعة، 20 يناير 2012

إيران والبحرين.. فراغ مربع الحل وتوسيع دائرة التآمر

ولاية الفقيه تسعى لإعادة بناء طيسفون وإيوان كسرى:
بقلم ـ صافي الياسري: إذا كان مربع الحل في زمن الشاه تم تفريغه بعدم الاعتراف بنتائج التصويت الشعبي فانه اليوم يفرغ عملياً بجميع أشكال عدم الاعتراف بالكيان القومي والهوية العربية البحرينية. تقديم: سألت فتاة خطيبها الفارس العربي ماذا سيقدم لها مهراً. فقال: أطلبي الإيوان أحمله على راحتيْ كسرى وهامات العجم أو سليني البيد مهراً أو ما وراء البيد من طيب النعم ويا إلهي يا لها من مفارقة بين عمران إيوان كسرى أيامها وجبروت فارس وبين خرائب وأطلال الإيوان اليوم وضياع مجدها، وما يحاوله الملالي اليوم إن هو إلا إعادة طيسفون إلى الوجود وإعادة بناء الإيوان، وهو أمر أفشلته البحرين علانية ما أرمض دهر الملالي ودفعهم ويدفعهم كل يوم إلى توسيع المؤامرات عليها وتنويعها. ومربع الحل يشمل تصفية الشوائب بين النظام الإيراني وعموم دول الخليج العربي، وليس البحرين وحسب، إنما يمكن القول “إنها محط النوايا العدوانية للنظام الإيراني، وأن هذا المربع يجري تفريغه باستمرار على الرغم من جميع النوايا الطيبة لدول الخليج وإعلانها رسمياً وإبلاغها إيران”، لكن النظام الإيراني كما نعلم إنما هو نظام قام أساساً على النظر إلى الخليج العربية على أنه بحيرة فارسية، وهو يلح ويعيد ويكرر هذه الدعوى على ألسنة مسؤوليه غير آبه باعتراضات دول الخليج، ما يحق لنا القول “إن الباحثين عن حل مع النظام الإيراني إنما هم يقرعون في طبل أجوف، والحلول التي يقترحها النظام الإيراني كلها تتقاطع وسيادة هذه الدول وتفرض النظام وهيمنته على المنطقة أساساً في التعامل”. التآمر الإيراني وفي المقابل فإن مربع التآمر الإيراني وتحديداً في البحرين آخذ في الاتساع كلما أفشلت البحرين خطوة من خطواته التآمرية، ما يجعلنا نحذر من أن التراكم الكمي في هذا الملف لابد له من نقطة انقلاب أو لحظة تغيير نوعي قد تكون اقتحام البحرين عسكرياً وفرض أمر واقع على العالم نتيجته احتراق الخليج بأجمعه وعلى الرغم من سعة المسافة بين هذا التوقع والواقع إلا إن إيراده في باب الاحتمالات أمر مشروع. مازالت شريحة من البحرينيين تنظر إلى قانون الأمن الوطني الذي صدر منتصف السبعينات على أنه أسوأ مرسوم مرّ في تاريخ البحرين، وليس دفاعاً عن القانون ولا عمن أصدره ولكنه صدر إثر إعلان الاستقلال وتحول مؤامرات الشاه إلى مؤامرات تهدد أمن الدولة بنحو مباشر رداً على اختيار الشعب البحريني الاستقلال، فالشعب البحريني رفض دعاوى إيران بشأن السيادة على البحرين، وأعطى ثقته للحكم إبان زيارة موفد الأمين العام للأمم المتحدة إلى البحرين. وكان ترويج معلومة أن رضا إيران أو صمتها على استقلال البحرين مقابل التنازل عن الجزر الإماراتية الثلاث شائعة سخيفة فارغة، فالذي فرض الاستقلال والموافقة على النظام القائم هو الشعب البحريني ولم يكن ينتظر مثل هذا القانون إنما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن وهو تشريع تم على خلفية مؤامرات الشاه التي برزت بجلاء في سعيها لإفشال دستور 1973م الذي يمكن عده لبنة أولى في البناء الديمقراطي وتأسيس دولة القانون في البحرين. الاتحاد التساعي لكن قانون أمن الدولة عمّر نحو ثلاثين عاماً، مع إن الحكومة كانت فعلاً جادة في التحول الإصلاحي بعد الاستقلال في 14 أغسطس 1971م، وكان هناك توجه لوضع دستور وإنشاء حياة ديمقراطية، وفعلاً تبنت الحكومة دستور عام 1973م فقد كانت النوايا جدية في التغيير، خصوصاً وأن البحرين كانت قبل استقلالها تناقش موضوع الاتحاد التساعي، مع باقي الإمارات الخليجية، وبدأت فكرة الاتحاد التساعي على غرار أو نمط اتحاد ماليزيا، بعد إعلان الحكومة البريطانية في يناير 1968م رغبتها في الانسحاب من منطقة شرق السويس بما في ذلك دول الخليج، وذلك في موعد نهايته 31 ديسمبر1971م هذا الإعلان من قبل حزب العمال بعد تظافر الأسباب لظروف اقتصادية، الأمر الذي أرعب حكام الخليج فقد كان بمنزلة كشفٍ لظهورهم ورفع للحماية عنهم أمام أطماع إيران ومؤامراتها، وهم جميعاً مرتبطون باتفاقات حماية ودفاع عن وضع إمارات الخليج، وكذلك تمثيل هذه الدول في العلاقات الخارجية وفعلاً ذهبت وفود إلى بريطانيا لإقناع الحكومة بالعدول عن هذا البيان أو تأخيره، وهذا دليل على أنه لم تكن هناك رغبة صادقة من هذه الدول في الاستقلال بسبب من تخوفاتها من دول الشمال القوية إيران والعراق وبالأخص إيران التي لم تكن تخفي أطماعها في البحرين، والاتحاد التساعي الذي فكرت به دول الخليج، قبل أن تقوم دولة الإمارات المتحدة بضغط بريطاني، إنما أتى مشابهاً لفكرة اتحاد سلاطين ماليزيا الذي يشتد عوده يومياً على عكس سلاطين دول الخليج وكيانها مجلس التعاون الخليجي الذي لم نجد أرضية لاتحاده سوى مجلس التعاون، على الرغم من دعوة العاهل السعودي في القمة الخليجية الأخيرة لرفع درجة علاقات مجلس التعاون إلى درجة الاتحاد، وعلى الرغم ارتفاع دعوات مثقفي الخليج بقيام الكونفدرالية الخليجية التي تناصبها إيران مر العداء. لكن الخطوة الوحيدة التي تحسب للدول الخليجية هي قيام درع الجزيرة بدخول المنامة لحماية الأمن والنظام، وتآمرت إيران ومازالت تتآمر عليه؛ لأنه يمثل قيام جدار حقيقي في وجه مؤامراتها وأطماعها. اتفاق دبي ١٩٦٨ وفي حينها تمكنت إيران بمؤامراتها من إفشال تشكيل الاتحاد التساعي بعد محاولات كثيرة، وبعد أن اتفق الحكام على توقيع اتفاق دبي لسنة 1968م الذي على أساسه يكون هذا الاتحاد، إذ نجحت إيران في زرع الرؤوس وتمكنت من دس أنفها وإظهار خلاف الحكام على أجهزة الاتحاد وعلى طريقة تكوينه، وكانت نقاط الاختلاف محصورة في مجلس الحكام، فتم الاتفاق على أن المجلس الأعلى المشابه للمجلس الأعلى لدول مجلس التعاون الخليجي، أن يتكون من حكام هذه البلدان وهو السلطة العليا التشريعية والتنفيذية، وأيضاً فيما يتعلق بالإشراف على السلطة القضائية إلى آخر ذلك، لكن ظهر الخلاف حول المجلس الوطني الاتحادي، الذي يشابه مجلس الشورى على طريقة التمثيل في هذا المجلس، فكان رأي الحكام أن يكون التمثيل مشابهاً إذا كان التمثيل بأربعة مندوبين لكل إمارة سواء كانت هذه الإمارة البحرين بعدد سكانها في ذلك الوقت الذي كان أكثر من 300 ألف أو أقل بقليل، مع دولة مثل عجمان وأم القيوين والى آخره الذي كان عدد سكانها 4000 أو 5000 وأبوظبي التي هي أكبر الإمارات وكان عدد سكانها لا يتعدى 15 ألفاً، ولم يكن هناك إحصاء حتى أنهم طلبوا من البحرين عمل إحصاء للسكان هناك، وذهبت لجنة لإجراء إحصاء رسمي لأول مرة في تلك الإمارات. المهم كان رأي البحرين ينادي بالتمثيل النسبي نظراً إلى عدد سكانها في ذلك الوقت، فخاف حكام بقية الإمارات من سيطرة البحرين، التي تنادي بالانتخابات القائمة على التمثيل النسبي والآخرون كانوا معترضين، ثم أنه كان هناك خلاف على العاصمة وكانت هناك خلافات كثيرة على توزيع الحقائب الوزارية، وكانت الحكومة البريطانية طرفاً في المفاوضات والسعودية والكويت، وهذه الدول كلها ساعدت على تقليل الخلافات بين الحكام ولكن الأصابع الإيرانية كانت تغزل خيوط مؤامرتها صمتاً وعلناً؛ لذا لم ينتج عن ذلك أي شيء. وفي حينها كان خبير دستوري مصري أتم كتابة الاتحاد الدستوري التساعي، والذي هو الآن دستور دولة الإمارات العربية بسبب الفشل بإقامة الاتحاد الخليجي. مجلس الدولة وفي تلك الفترة وخلال المفاوضات وخلال سنة 1970م كونت البحرين نواة لمجلس الوزراء سمته باسم مجلس الدولة، الذي استمر من العام 1956م إلى العام 1969م ويومها وبعد إعلان الاستقلال نهاية العام نفسه هبت أعاصير التآمر الإيراني؛ إذ بدأ النظام الإيراني ينظر إلى أي إجراء تتخذه البحرين على أنه موجه ضده وتقليص لنفوذه ودفن لأطماعه، وبخاصة خطوات تطوير الاستقلال وإصدار المراسيم لإنشاء مجلس الدولة، وفي هذه المرحلة ظهرت البحرين وهي تطالب بتكوين اتحاد تساعي على أسس ديمقراطية، وأن يكون هناك مجلس يكون التمثيل فيه نسبياً بحسب عدد نفوسها، فقد كانت البحرين أكبر إمارات الخليج وعدد نفوسها يتجاوز الأربعمائة ألف بينما كانت أكبر ثاني إمارة وهي أبوظبي لا يتجاوز عدد نفوسها الـ15 ألف نسمة، وفي أثناء ذلك وفي مواجهة أطماع ومؤامرات الشاه، وبوساطة من الأمم المتحدة جرت مفاوضات سرية في كل من جنيف ولندن مع نظام الشاه عن قبول الشاه إجراء استفتاء في البحرين على حق تقرير المصير معتمداً على وهم وصاية طهران على شيعة البحرين الذين كان يعدهم جميعاً قاعدته في البحرين وأنهم يشكلون أغلبية ظناً منه أن بإمكان مرجعيات قم إقناعهم بالتصويت للشاه مقدمين الولاء الطائفي على الولاء للوطن ولكن خاب فألهم وأثبت أهل البحرين تمسكهم بوطنهم وقيادتهم ونظامهم الوطني وهو ما يحتاجون اليوم إلى تذكيرهم به ودفع مؤامرات نظام الملالي الذي ورث ملف التآمر بشراسة أشد من شراسة نظام الشاه. حق تقرير المصير في لقاء صحافي نشر على مواقع “إنترنيتية” عديدة قال وزير بحريني سابق هو حسين البحراني، الذي عاصر أحداث تلك المرحلة: “يومها اعترضت حكومة البحرين على ذلك، إذ إن الاستفتاء على حق تقرير المصير لا يكون إلا في الدول المستعمرة، ولم تكن البحرين حينها مستعمرة لا لإيران ولا لبريطانيا، إنما كانت دولة مستقلة محمية فقدت سيادتها الخارجية، وعندما تستقل تسترد سيادتها الخارجية، عموماً عارضت حكومة البحرين الاستفتاء على تقرير المصير من قبل أفراد الشعب، ووافقت أن يكون الاستفتاء من قبل الأندية والجمعيات والمؤسسات الأهلية، إذ كانت مجالس إدارات هذه المؤسسات والأندية إدارات منتخبة، ووافق الشاه على اعتبار صعوبة تنظيم استفتاء عام، نظراً إلى وضع البحرين الخاص التي لم تكن مستعمرة، وتم جمع المؤسسات الحكومية شبه الرسمية كغرفة تجارة وصناعة البحرين، وإدارات الأوقاف السنية والشيعية، وإدارة أموال القاصرين، وإدارات جميع الأندية الثقافية والرياضية والاجتماعية، بما في ذلك ناديان هما للإيرانيين، وهما نادي المنامة وناد آخر لا أتذكر اسمه الآن، وعرف الشاه بذلك، وأرسل الأمين العام للأمم المتحدة موفداً خاصاً عنه، وكان هذا الموفد هو مدير مكتب الأمم المتحدة في جنيف، وقضى الموفد عشرين يوماً أدى فيها مهمته بكل سهولة، وكتب بعدها تقريره بأن شعب البحرين بغالبيته المطلقة يطالب بالاستقلال التام، وإعلان البحرين كدولة مستقلة ذات سيادة، وأرسل الأمين العام المتحدة التقرير إلى مجلس الأمن، ولم يناقش التقرير، بل كانت هناك خطب تهنئة للحكومتين الإيرانية والبريطانية، وحكومة البحرين، على نجاح الأمين العام في حل قضية معقدة كانت معلقة لنحو 150 عاماً، وكان الشاه مسروراً بالنتيجة، لأنه كان يريد حفظ ماء وجهه، إذ كان الأمريكيون حينها يضغطون عليه كثيراً”. ما أرى إيران؟ كانت هذه مادة ثمينة غطت مربع الحل، لكن السؤال هل ارتضت به إيران حقا؟؟ أم وسعت ملف مؤامرتها لتفريغ المربع؟؟ ولم تورد الوكالات ولا المتحدثون الرسميون ولا المحللون أخباراً عن مفاوضات بين نظام الشاه ودولة البحرين عن مقايضة حول استقلال البحرين بالجزر الإماراتية، كما أسلفنا، ولم يرد على لسان الشخصيات التي شاركت في المفاوضات السرية بعد ذلك أية إشارة لهذه المعلومة، لكنها شائعة بثها نظام الشاه ضمن ملف مؤامراته على البحرين ودول الخليج. والمفاوضات تمت في الحقيقة بدفع من بريطانيا والكويت التي استقلت عام 1961م والمملكة العربية السعودية التي تعد البحرين ضلعها الذي لا يجوز المساس به. وقد كان تصويت الشعب البحريني على الاستقلال يمثل مبايعة مادية للأسرة الحاكمة باستقلال البحرين. ولم يختلف نظام الملالي في تصدير المؤامرات إلى البحرين عن نظام الشاه لكنها أتت هذه المرة تحت عباءة دعاوى مذهبية للفصم بين الولاء للوطن والولاء لمرجعيات قم التي لم تعد مرجعيات مذهبية، بل خرجت من حسينياتها المفترضة وحولتها إلى محطات توجيه سياسي، مازالت تتبع السير على مسار خميني الذي لا يعدو بناء دولة الأساطير، شأنه شأن الحلم الإسرائيلي، الذي وجد في الغرب نصيراً له بينما يسعى الإيرانيون إلى تفجير بلدان العرب والعالم من الداخل لجعل قم وطهران مكة العالم ومحوره، والمؤامرات الإيرانية أشد خطورة في الحقيقة عن مؤامرات الشاه وأعم وأوسع، وإذا كان مربع الحل في زمن الشاه تم تفريغه بعدم الاعتراف بنتائج التصويت الشعبي فإنه اليوم يفرغ عملياً بكل صفات عدم الاعتراف بالكيان القومي والهوية اليعربية البحرينية، والأمثلة كثيرة ولسنا بصدد تعدادها، إلى ذلك فإن ملف التآمر الشاهنشاهي وعلى يد ورثة خميني يتسع كل يوم، وليس لنا إلا الاعتراف بأن حكمة قيادة البحرين ورأسها الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، هي الجدار الصامد في وجه هذه المؤامرات، ومما يؤسف له الاعتراف بأن حكومة البحرين ومنذ ثلاثين عاماً وهي على بينة من هذه المؤامرات لم تتخذ أي إجراء عملي جاد للوقوف بوجهها قبل انفجار أحداث 14 فبراير الماضي، ومن خلال متابعة سلوكيات النظام البحريني نجد أنه كان في معظم الأحيان يتساهل مع العديد من السلوكيات الطائفية التي لا نشك لحظة في أن لاعبها إيراني وأن نظام الملالي يقف من ورائها خشية تصدع جدار نسيج اللحمة الوطنية وتهتكه، وهو لو شئنا الحق يحسب للنظام في الصفحات الإنسانية والديمقراطية لكنه لا يحسب له في الصفحة السياسية. صلابة الوحدة الوطنية والمطلوب الآن لتنمية وتوسيع وملء مربع الحل الذي لم يعد خارجياً كما أرى إنما ينبع من داخل البحرين، هو استعادة أجواء العام 1970م التي أبرزت صلابة صخرة الوحدة الوطنية وتشجيع النظام على المضي في طريق الخطوات الديمقراطية بدلاً من إجباره على التنصل واتخاذ قرارات شبيهة بقرار الأمن الوطني - وإن كنت أظن هذا لن يحدث - لأن أحداً من عائلة آل خليفة والنظام والدولة ليس على استعداد لقبول وضع مصير الوطن بيد حفنة ولاؤها خارج دلمون وهذا واجبهم جميعاً قبل أن يكون إرادتهم ومصلحتهم، عليه فإن مطلب التدبير الشعبي لتحرك وطني يدفن الخنادق بين المكونات البحرينية بدلاً من شقوق جديدة وتوسيعها، يأخذ مشروعيته من تلك الغاية السامية وجود الوطن ورفعته قبل كل شيء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق