بحث في هذا الموقع ابــو حـــــمــزه الأحـــــــــــواز​ي

الأحد، 10 يونيو 2012

حرب كلامية بين إيران وأذربيجان وإغلاق المعبر الحدودي

azerbaijan
باكو رفضت منح تأشيرة لمساعد خامنئي بعد اعتقال 22 متهما في مؤامرة لاغتيال دبلوماسيين
بيلاسوفار - أذربيجان: ديفيد هيرسزنهورن*
تفاقمت حدة التوتر بين أذربيجان وإيران، اللتين تطلان على بحر قزوين، خلال الأسابيع الأخيرة، وسط قلق بالغ في طهران إزاء اتساع نطاق التعاون العسكري بين أذربيجان وإسرائيل.
تجلى هذا التوتر في إغلاق المعبر الحدودي الحيوي بين الدولتين على مدى عدة أيام، مخلفا صفوفا طويلة من الشاحنات، في الوقت الذي تجري فيه السفن الحربية الإيرانية مناورات في بحر قزوين وفي منطقة لا تبعد كثيرا عن هذا المكان، ورفض السلطات الأذربيجانية الأسبوع الماضي منح مساعد بارز للمرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، تأشيرة دخول في مطار باكو عاصمة أذربيجان، وسحب السفراء من كلا البلدين.
وتزايدت الحروب الكلامية بين الدولتين، بنشر مسؤولين من كلا البلدين انتقادات سيئة على الإنترنت وفي وسائل الإعلام الإخبارية، بما في ذلك تبادل الاتهامات بين الدولتين، اللتين تهمين على كل منهما أغلبية مسلمة، بأنها مؤيدة لحقوق المثليين.
وربما تكون الإشارة الأخطر على تدهور العلاقات ما جرى في مارس (آذار)، عندما اعتقلت السلطات الأذربيجانية 22 شخصا قالت إنهم ضالعون في مؤامرة مدعومة من إيران لقتل دبلوماسيين أميركيين وإسرائيليين، والهجوم على أهداف أخرى في باكو، على الرغم من أن أيا من هذه المزاعم لم تثبت صحتها بعد.
ويقول إلهان شاهين أوغلو، مدير مركز أطلس، وهي مؤسسة بحثية تعنى بالسياسة الخارجية مقرها باكو «دخلت العلاقات بين أذربيجان وإيران مرحلة حرجة للغاية».
على الصعيد الرسمي تقول أذربيجان إنها تود الحفاظ على حيادها إزاء الصراع حول البرنامج النووي الإيراني. لكن حكومة الرئيس إلهام علييف دافعت بقوة عن حقها في تعزيز العلاقات العسكرية مع إسرائيل، والتي تأكدت مؤخرا بشراء أذربيجان أسلحة إسرائيلية الصنع بقيمة 1.6 مليار دولار. غير أن كلتا الدولتين أنكرت التقارير التي تفيد بأن أذربيجان سهلت لإسرائيل الدخول إلى قواعدها العسكرية لمراقبة إيران.
وستتضح مدى الأهمية المتزايدة لأذربيجان كحليف استراتيجي للغرب بشكل كامل بعد زيارة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون (أمس) إلى باكو في إطار جولة دبلوماسية في جنوب القوقاز. فنظرا لإغلاق طرق الإمداد البري في باكستان يعتمد الناتو بكثافة على المطارات الأذربيجانية لنقل الإمدادات من وإلى أفغانستان.
بيد أن العلاقات مع الغرب ليست سوى أحد عوامل التوتر مع إيران. فدائما ما كانت أذربيجان تعلن عن غضبها إزاء دعم إيران لأرمينيا، جار أذربيجان من ناحية الغرب وعدوها اللدود، في الحرب التي دارت رحاها بين الدولتين بسبب إقليم ناغورنو كاراباخ المتنازع عليه.
وعلى الرغم من تفاقم الموقف في أذربيجان وحولها، بدا الأميركيون مشتتين إلى حد بعيد نتيجة الحرب الأهلية في سوريا والسياسات الداخلية. وقد رفض مسؤولو وزارة الخارجية الأميركية الرد على التساؤلات بشأن الخلاف بين أذربيجان وإيران، وعلاقات الولايات المتحدة مع باكو، وتداعيات ذلك على الأمن الدولي والأميركي. وكتب روبرت هيلتون، المتحدث في شؤون أوروبا ومنطقة أوراسيا في رسالة بريد إلكتروني «لسنا على استعداد للتعليق».
ولم تعين للولايات المتحدة سفيرا في باكو منذ رحيل ماثيو بريزا، الدبلوماسي صاحب التاريخ المشرف والخبير في شؤون المنطقة والذي رفض ترشيحه بسبب جماعات المصالح الأرمينية الأميركية في ديسمبر (كانون الأول)، والذي كان أوباما قد قام بتعيينه بشكل مؤقت في عام 2010.
وفي أواخر الشهر الماضي رشح أوباما ريتشارد مورننغ ستار، السفير السابق للاتحاد الأوروبي والمبعوث الحالي لقضايا الطاقة في منطقة أوراسيا، ليكون السفير القادم في باكو، ولا يزال ينتظر المصادقة على تعيينه في مجلس الشيوخ.
في السياق ذاته، أكد علي حسنوف، المساعد السياسي البارز للرئيس علييف، أن عدم وجود سفير أميركي في المنطقة يمثل مشكلة. وقال في مقابلة معه في مكتبه في باكو «نحن نفتقد التشاور مع السفير الأميركي. لا يمكن للأميركيين أن يتجاهلوا أو يتخلوا عن دولة مثل أذربيجان». لكن المسؤولين الأميركيين عادة ما ينظرون إلى أذربيجان كدولة لا يمكن تحقيق النجاح فيها، فأي إشارة إلى الصداقة بين البلدين سيكون مصيرها الانتقادات من الجماعات الأميركية الأرمينية أو من الأذربيجانيين أنفسهم أو من منظمات المجتمع الدولي، التي وثقت عددا من انتهاكات حقوق الإنسان التي مارستها حكومة علييف.
وفي تكرار لسياسات اللعبة الكبرى، منافسة القرن التاسع عشر بين روسيا وبريطانيا حول آسيا الوسطى، في القرن الحادي والعشرين، تبدي روسيا أيضا قلقا أيضا إزاء علاقة أذربيجان مع الغرب.
وتسعى موسكو الآن إلى إعادة التفاوض لتأجير منشأة رادار رئيسية في غابالا، بأذربيجان، والتي تستخدم لتعقب الصواريخ في قسم كبير من العالم. وتطالب باكو بالحصول على 300 مليون دولار لمدة خمس سنوات قادمة، في قفزة من الإيجار الحالي الذي يصل إلى 7 ملايين دولار. وأشار حسنوف إلى أن الزيادة كانت مبررة بسبب الزيادة الكبيرة في قيمة الملكية. وقد ألقت روسيا باللوم على الولايات المتحدة للضغط على أذربيجان لرفع الإيجار، وهددت مؤخرا بالتخلي عن محطة الرادار.
وخلال المقابلات، قال مسؤولون حكوميون ودبلوماسيون وخبراء أكاديميون ونشطاء حقوق الإنسان ومواطنون إن التوتر بين أذربيجان وإيران يثير توقعات بوقوع اضطرابات بين أكثر من 20 مليونا من العرقية الأذربيجانية يعيشون في إيران، يعيش أغلبهم على الحدود الشمالية.
وقد اقترح نواب في البرلمان الأذربيجاني إعادة تسمية بلادهم شمال أذربيجان لإرسال رسالة بأنهم يعتبرون شمال إيران منطقة محتلة يجب أن يطلق عليها جنوب أذربيجان. ولم يحظ الاقتراح بالزخم المطلوب، لكن إيران تسعى بقوة إلى تشكيل رأي عام في المنطقة الحدودية، حتى إنها تبث برامج تلفزيونية باللغة الأذربيجانية.
يتجلى التوتر الحالي في أبرز صوره في المناطق الحدودية، حيث تصطف الشاحنات في بيلاسوفار، كل يوم للعبور إلى الجانب الإيراني، والتي تتوجه غالبيتها إلى مدينة ناخيتشيفان، المنطقة المعزولة عن باقي أذربيجان بسبب سيطرة أرمينيا على ناغورنو كاراباخ، لأن الطريق الوحيد إلى إيران هو الطريق البري.
ويقول إميرو روفشان، سائق شاحنة يحمل حمولة من الأحذية، إن إغلاق الحدود على مدار الشهور الثلاثة أو الأربعة الماضية، والذي كان بدا واضحا أنه جاء بأمر من الجانب الإيراني، أصبح أمرا شائعا، يقطع السبل بالسائقين في بعض الأحيان لعدة أيام. بيد أن روفشان يشير إلى أن الأذربيجانيين لا ينبغي عليهم أن يشكوا، وقال «نحن مستقلون عن إيران، الطريق إلى ناخشفان نعمة، إنها أشبه بهبة لنا».
وتقول ليلى يونس، مديرة معهد السلام والديمقراطية، وهو مؤسسة تراقب انتهاكات حقوق الإنسان في أذربيجان، إن القمع السياسي الذي تمارسه حكومة علييف في أذربيجان يفيد إيران، وإن الافتقار إلى الفرص الاقتصادية خاصة من الشباب في المناطق الريفية يمكن أن يدفعهم إلى اعتناق الأفكار الدينية المؤيدة للسلطات الثيوقراطية في طهران. وتساءلت يونس «ما الذي يشاهده الأفراد في المناطق الريفية؟.. إنه التلفزيون الإيراني».
وتضيف يونس أن الولايات المتحدة غضت الطرف عن الانتقادات الموجهة إلى انتهاكات حقوق الإنسان لحماية مصالحها الأكبر في أذربيجان. وقالت «منذ عام 2003 حتى اليوم لم نشهد انتقادات قوية من واشنطن».
وبرزت أذربيجان بالنسبة لإسرائيل كحليف استثنائي - دولة مسلمة صديقة مستعدة للتعاون بشأن القضايا الاستراتيجية والعسكرية. وتشعر إسرائيل، أكثر من أي دولة أخرى، بالتعاطف تجاه أذربيجان التي تجد نفسها محاصرة بعدو معلن ودولتين أخريين لا تستطيع الثقة فيهما بشكل كامل.
من وجهة النظر الأذربيجانية كانت إسرائيل أكثر تفهما من الدول الأوروبية التي انتقدت باكو بشأن انتهاكات حقوق الإنسان، في الوقت الذي لم تعترف فيه بالتحديات على حدودها أو الصعوبات في بناء ثقافة علمانية في بلد ذي أغلبية مسلمة.
وفي انتقاد واضح للحكم الديني في إيران، أكدت باكو صراحة رغبتها في إقامة دولة علمانية، ودللت على ذلك بدورها في استضافة مسابقة «يوروفيجن» للأغنية، التي استقطبت الكثير من المشجعين المثليين، حتى إن مواقع الإنترنت الإيرانية قالت إن باكو تخطط لاستضافة أضخم تجمع لحقوق الشواذ. وعبر حسنوف، مساعد الرئيس، عن اعتقاده بأن أذربيجان وإيران ستتمكنان من تجاوز الأزمة، وقال «سنجد صيغة ستتمكن بها الدولة العلمانية من العيش في سلام مع الدولة الدينية. ونحن فخورون بكوننا مسلمين، وأننا دولة علمانية».
* خدمة «نيويورك تايمز»

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق