بحث في هذا الموقع ابــو حـــــمــزه الأحـــــــــــواز​ي

السبت، 13 أكتوبر 2012

طيف جريح بقلم : جميلة هواري

كانت ليلة مقمرة كل شيئ كان هادئا ونسمات الصيف تحضن سعف النخيل الباسق
الممتد على امتداد حقول الأحواز.كان هناك طيف جالس تحت النخلة يسرد الشعر ويغنيه كانه في حالة مناجاة لحبيبة فارقته منذ سنين فيشكو بعدها  منشدا
يــاكـرخـةَ العشاقِ نُـوحي خِلسة

تمثلـــت بــك الخنســـاء تَمثيـــلاً

يـامعشــرَ الخـــلانِ ليـس بـهكــذا

تــركُ الخليـــلُ علـى الفراقِ خليلا
,أو لأم اختطفها الموت منه فظل يستضر ذكراها الجميلة واكلها اللذيذوخبزها الشهي ,أو لطفل عجز عن مداواته لضيق ذات اليد ولأنعدام الدواء جراء  الفقر المدقع الذي ينخر عظامهم نخرا فيظل يناجيه بهذه الأشعاريخفف عن نفسه ويطلب الصفح منه بعد ان دفن تحت التراب ويعتذر عن التقصير وهل فعلا قصر؟ام ان الظلم والقهر أساس التقصيرأو لأخ شاب يا فع علق جسده على أسوار المدينة بعد ان جعلوا من جسده خريطة مزورة رسموا عليهاكل حقدهم فصارت شاهدة على التقسيم الظالم والجغرافية المزورة وعلى استيطان الشر والحقد في النفوس ظل الطيف الشاعر يسرد الشعر بحرقة ويضرب بعصاه الأرض ليخفف من حرقته, وفي تلك الأثناءومن بين تلك النخيل والأشجارأطل طيف ثان يمشي بخطوات متثاقلة يكاد يقع على الارض  فاسرع اليه ليمسكه  قبل ان يقع فوجده جريحا ينزففقال لا بأس عليك أنت جريح ثم من أنت اغريب عن هذه الديار ؟فاجاب الطيف الجريح لست بغريب عن هذه الديارأنا منها وفيها خلقت وفيها ساموت واما جرحي استوطنني واستوطنته فصرنا متلازمان لا تقلق بشاني  هيا لنجلس لنتسامرفقال تفضل فجلس كلاهما قبالة الآخر وجها لوجه وظلا يتمعنان في ملام بعضهما بصمت كان كلاهما يريد أن يستبطن الآخر فقال الطيف الجريح أراك تنشد الشعرفما خطبك؟فرد الطيف الشاعر اخفف من هذا الحمل الثقيل فقال وما ألمك ؟فاجاب هذا وأشار الى التراب وأمسكه في يديه بقوةفاجاب الطيف الجريح وهل تعلم سبب جري انها حبة الرمل تلك التي تمسكهاثم واصل قائلا هل تحب هذا الوطن وكم تحبه؟فاجاب وهل يسأل ضمآن عن الماء وهل يسأل طير عن السماء ؟وهل يسال مريض عن الدواء؟  الا تراني كم اعاني وأتالم من اجله وتسألني هل أحبه؟
أحـــوازٌ لــكِ بـالقلـــبِ محبــــة

ولا أرضَـــى ســـواكِ بــــديلا

ألا يَـا موطنِي تَـركتنِي بِتَألمي

حتـى غـدا الـداءُ لصبـري عَليلا

جميل أيها الشاعر ورائع فاسمع مني هذه الأبيات لمن هم اكرم منا جميعا من دفعوا دماءهم الزكية الطاهرة في سبيله
اكتبي أيتها الحيطان

اكتبي تاريخ نضالي ونضال أصدقائي

لعلها تصبح منارة الأجيال

اكتبي كم ليلة أمضيت هنا

لعلها تصبح نهارا للأحواز

وإن قتلتموني دمي سيروي نخل العروبة في أرضي


فاجاب طيف الشاعر قلتها مرارا وتكرارا  روحي فداء لها قلتها في الرخاء والشدة  لا تنازل ولا استسلام قلتلها في كل مكان وزمان  احواز حرة عربيةوكتبتها بايمان واصرار وسجلتها بدم
القلب


علــي هــدوء الـــبحــر قبـل الاعصــار

عـلى أبـواب الــجـنـة ومـداخل الــنــار

نعــم كتبتهـــا وأقـــولها مـرارا و تــكـرار

سـأمـوت لك شهيـدا ،هـذا هــو القـرار

فأهلا بالموت للوطن،موت العـز والافـتخار




فقال الطيف الجريح هل نفذتم وصايا الشهيد؟ هل اديتم الامانة بامانة ام فرطتم في الوصية والامانة ؟الم يقل الشهيد
وصيتي إلي أبناء منطقتي وأبناء شعبي هي أن يتركوا جميع الخلافات التي لا تجدي نفعا وأن يتكاتفوا ويبذلوا كل طاقاتهم ضد عدو واحد وهو المحتل الفارسي ولا أطلب منهم أخذ الثأر من أجلنا فكل ما قدمناه هو واجب شرعي و دفاع عن الوطن بل أطلب منهم أن ينهضوا من أجل نيل حقوقهم المسلوبة و أرضهم المغصوبة والتصدي للويلات التي تزداد يوما بعد يوم من قبل المحتل الفارسي.
اجاب طيف الشاعر

نحاول في كل فرصة ان نجمع الاخوة ونسعى الى ذلك امتثالا لوصايا الشهداء ولكن لازلنا لم نوفق بعد لان الانانية وحب الحياة والسلطة طغت على القلوب فصار كل منهم يريد ان يكون هو  الوصي على هذا الشعب المسكين الذي يعاني بصمت لا تكاد اناته تسمع لانه لم يجد من دواء لجرحه الغائر ووقع بين مطرقة العدو وسندان الخلافات والانشقاقات تعبت الناس يا صديقي ولا من مجيب كلهم قدم ويقدم ولكن لم ولن يقدموا مثلما قدم الشهداء هؤولاء الذين
       اعتلوا مشانقهم كفرسان يمتطون ظهور جيادهم، و لم يكن لهم من وصايا إلا وصية واحدة، لقد سرنا على درب نتمنى على الذين من خلفنا أن لا يقفوا في منتصفه، بل عليهم أن يكملوا هذا الدرب إلى آخره.حتى لو فني الجميع
هؤولاء المخلصين تركوا وصايا تنقش بالذهب وتحفر في اعماق القلب لانها قاعدة النجاح والانتصار كلهم اكد على الوحدة ومواصلة الطريق وعدم الاستسلام ولكن الاخوة لازالوا مشتتين غير مجتمعين فحالهم كحال الذي يرد العين ولا يشرب فيظلون يتخبطون في عطشهم المضني القاتل دون ان يمد احدهم يده الى الاخر ويتنازل عن كبره الزائف ويساعد كلاهم الاخر وشاؤوا ام أبووا اعترفوا او انكروا كلهم بحاجة للآخر ولكنهم يكابرون اذ لايمكن لجسد ان يكون متكاملا وفاعلا دون وجود كل الاعضاء وتفاعلها مع بعضها   
،
اجاب الطيف الجريح  كلام حكيم وسليم و هل انانيتهم  وحبهم  تمنعهم عن التوحدللحياة فليسمعوا اذن ماذا قال الشهيد


و إذا كنت أحب الحياة و لدي أمل فيها، بعد شهادة رفاقي على يد الحاقدين لم يبق شيء من هذا الحب و الأمل في..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق