بحث في هذا الموقع ابــو حـــــمــزه الأحـــــــــــواز​ي

الأربعاء، 17 أكتوبر 2012

تجاهل القضية العربية الأحوازية .. إلى متى ؟ ! بقلم :أمينة نفير

أمينة نفير
لطالما ردد أناس عاديون و حتى طلبة جامعيون هذا السؤال على مسامعي : ما هي الأحواز؟ فكلما ذكرتها في حديثي ، أو أتيت على  النطق بإسمها ، ألمح لديهم نظرة استغراب لعدم معرفتهم لها ، وعدم سماعهم باسمها من قبل. يعود هذا الجهل للقضية الأحوازية أو تجاهلها لأسباب عديدة ، إذ يرجع تارة  إلى الطمس الثقافي و القومي الذي يمارسه المحتل الفارسي ضد هذا الإقليم و العرب القاطنين فيه، وتارة للتجاهل الإعلامي العربي و الدولي لهذا الجزء من الوطن العربي ، وتارة للظروف الإقليمية والعربية التي كانت تشغل الساحة العربية بقضايا أخرى على حساب قضية الأحواز العربية المهمة  ، و المشكل أن هذا التجاهل والإغفال ليس فقط على المستوى الرسمي و لكنه أيضا على المستوى الشعبي العربي  مما يجعل شعبنا العربي بالأحواز إضافة إلى معاناته مع الإحتلال ، يعاني من العزلة و التغريب القومي .
وإذ يصادف اليوم 20/04/2012 ، ذكرى إحتلال الأحواز العربية من طرف إيران ، فإنني أستغل هذه الفرصة ، لأعرف بالقضية العربية الأحوازية ، وألقي الضوء على أهم جوانبها ، وأهم الأحداث التي شهدتها عربستان منذ إحتلالها إلى يومنا هذا.
الأحواز العربية أو عربستان ، والتي يطلق عليها الإيرانيون إسم “خوزستان” (أي بلاد القلاع و الحصون) ، هي جزء لا يتجزء من الوطن العربي، إذ تشكل القسم الشمالي الشرقي من الوطن العربي حيث تتموقع جغرافيا في الجنوب الشرقي من العراق ، وتمتد على طول الساحل الشرقي للخليج العربي ، من شمال شط العرب شمالا ، إلى مضيق هرمز جنوبا ، فيما تفصل بينها وبين بلاد فارس ، سلسلة جبال زاغروس.
تبلغ مساحة الأحواز العربية  حسب أدق الدراسات، 348 ألف كم مربع ، ويبلغ عدد سكانها العرب أكثر من عشرة مليون نسمة .
و تعتبر الأحواز العربية من أخصب الأراضي في المنطقة ، وتمثل أهمية إستراتيجية بالغة من النواحي، الجغرافية ، السياسية ، الإقتصادية والتجارية ، وامتدادها على الساحل الشمالي و الشرقي للخليج العربي جعل منها واجهة بحرية بامتياز عبر موانئها ومنافذها البحرية ، ومما زاد الأحواز العربية أهمية بالغة إضافية ، هو ظهور النفط فيها منذ عام 1908 م  ، والذي كان سببا من بين أسباب احتلالها.
بدأت قصة معاناة الأحواز العربية في العشرين من نيسان عام 1925 ، عندما قامت إيران بتحالف مع القوى الإستعمارية البريطانية بحياكة مكيدة لأمير الأحواز آنذاك “الشيخ خزعل الكعبي” ، حيث تم استدراجه ومن ثم اعتقاله هو ومرافقيه ، واقتيد بعدها إلى سجن في طهران ، ظل فيه حتى سنة 1936 حيث ثم إغتياله هناك .
وفي نفس الوقت قامت القوات الإيرانية بقيادة “رضا خان بهلوي”  ، وبمساعدة بريطانية ، بشن هجومها العسكري على الأحواز العربية ومن ثم احتلالها.
ويمكن تلخيص الأسباب التي ساهمت في احتلال الأحواز العربية  فيما يلي :
  • وصول “رضا خان بهلوي” إلى السلطة في بلاد فارس ، وهو الذي يمثل العنصرية الفارسية المعادية للقومية العربية ، إذ ومنذ توليه الحكم، عمل على محو كل أثر للعروبة و الحضارة العربية في أرض الأحواز ، كما سعى إلى فصل الروابط التي تصل الشعب العربي الأحوازي بأمته العربية.
  • ضعف البنية  الداخلية للمجتمع الأحوازي ، نتيجة لما أصابه من فقر و مرض وجهل وانعدام للوعي السياسي والإجتماعي في زمن الإمارة الكعبية.
  • موقع الأحواز العربية الإستراتيجي وغناها بالثروات الطبيعية ، بالإضافة إلى اكتشاف النفط فيها سنة 1908 .
  • اشتداد الصراع على المصالح في منطقة الخليج العربي بين روسيا و الغرب ، خاصة بعد وصول الشيوعيين إلى السلطة بقيادة لينين عام 1917 .
  • دعم القوى الإستعمارية البريطانية للإحتلال الفارسي للأحواز العربية ، يقابله موقف متفرج للحكام العرب ، مما اعتبر مساهمة غير مباشرة في النكبة الأحوازية.
ومنذ اليوم الأول لإحتلال الأحواز العربية (عربستان) ، قام الإحتلال الفارسي بمجموعة من الحملات والإجراءات التعسفية التي كان الهدف منها هو طمس الهوية العربية للأحواز و إنهاء ارتباطها الثقافي و التاريخي بعروبتها وربطها بالتاريخ الفارسي ، فقامت السلطات الفارسية بتدمير المدن و القرى العربية بالأحواز ، وتغيير أسمائها (أي المدن العربية) إلى أسماء فارسية ، فعاصمة الأحواز العربية التاريخية “المحمرة” تم تغيير إسمها إلى “خورمشهر” ، و مدينة “عابدان” إلى “آبدان” ، حتى أسماء الشوارع و الأسماء الشخصية للأسر العربية الأحوازية لم تنجوا من سياسة التفريس ، هذه الأخيرة  التي طالت حتى التعليم ، حيث تم منع تدريس اللغة العربية بالمدارس ، وفرض مكانها التعليم باللغة الفارسية ،كما تمت مصادرة الكتب العربية ومنع حملها أو قراءتها .
وفي إطار سياسة التفريس أيضا ، يمنع على الشعب العربي الأحوازي ارتداء الزي العربي ، أو وضع الكوفية التي ثمتل الثورة العربية ، كما يمنع التكلم باللغة العربية في الأماكن الرسمية والإدارات العمومية ، سعيا من المحتل الفارسي إلى محو كل مظهر من مظاهر عروبة الأحواز .
أكثر من ذلك ، فقد قام المحتل الفارسي باقتطاع أراضي من الأحواز العربية وضمها إلى مدن إيرانية مجاورة ، كما عمل على تهجير الأسر العربية المقيمة في عربستان إلى مناطق الشمال الإيراني لإحلا ل الأسر الفارسية مكانها ، وقد قام سنة 2009 ببناء جدار فاصل بين حي بالأحواز العربية اسمه “حي الثورة ” وبين حي فارسي ، تكريسا منه للعنصرية الفارسية في عدم مخالطة العرب .
كما نهج سياسة التجويع للشباب العربي الأحوازي لإنعدام فرص الشغل،  مما يدفعهم إلى الهجرة إما إلى الداخل الإيراني أو إلى خارج البلاد ، وذلك بغية إبعادهم عن وطنهم وإنتمائهم و بالتالي فقدهم لهويتهم العربية .
هذا و لا ننسى استخدام قوات الإحتلال الفارسي أبشع أساليب القمع و الإضظهاد بحق السكان العرب بالأحواز العربية ، وذلك عبر التجويع ، و التشريد و الإعتقالات التعسفية ، و الملاحقة و القتل ، و بإعدام الشباب العربي الأحوازي بدون أي محاكمة ، من أجل إرهاب باقي الأهالي .
وتقوم إيران باستغلال الموارد و الثروات الطبيعية للأحواز العربية ، إذ تشير آخر الإحصائيات إلى الآتي  :
  1. يمثل النفط في الأحواز العربية حوالي 87%  من النفط الإيراني المعتمد ،
  2. يمثل الغاز المستخرج من الأراضي العربية الأحوازية نسبة 90% من مجمل الغاز الإيراني ،
  3. يتم إنتاج 74% من الطاقة الكهربائية الإيرانية من المصادر الطبيعية الأحوازية ،
  4.  علما أن الأحواز العربية تشتهر بوفرة مياهها ، إذ تمر منها 5 أنهار ، أهمها : نهر الكارون و نهر الكرخة ، فإن مياهها تمثل نصف المخزون المائي الإيراني ،
  5.  ونظرا لخصوبة الأراضي العربية الأحوازية ، فإن إنتاجها من القمح يمثل حوالي النصف من مجمل الإنتاج الإيراني ،
  6. يمثل إنتاج عربستان من الحبوب حوالي 40% من الإنتاج الإيراني ،
  7. ويمثل إنتاجها من الثمور نسبة 85 % من الإنتاج الإيراني. تنتجها أكثر من أربعة عشر مليون نخلة عربية أحوازية .
ومنذ اليوم الأول للإحتلال ، قامت الثورات الأحوازية في مواجهة المحتل الفارسي ، حيث شهدت (عربستان) أكثر من خمس عشرة انتفاضة و ثورة شعبية ،ندكر من أهمها :
  • انتفاضة عام 1979 التي قام بها الشعب العربي الأحوازي ليقاوم محاولة السلطات الفارسية إغلاق المراكز السياسية و الثقافية العربية في عربستان ، حيث شهدت هذه الأخيرة إثر ذلك مجموعة من الإعدامات العشوائية في حق العرب الأحوازيين ،
  • وفي سنة 1985 ، تجددت الثورة الأحوازية ، حيث قامت إنتفاضة شعبية عارمة في كل انحاء عربستان ، احتجاجا على مقال نشر في صحيفة إيرانية وجه إهانات للعرب في الأحواز بشكل خاص وللأمة العربية بشكل عام ، وقد جاءت هذه الإنتفاضة في ظل الحرب العراقية-الإيرانية و التي كان لها طابع قومي عربي.
  • ثم اندلعت عام 1994 مواجهات دامية بين قوات الأمن الفارسية و بين العرب الذين صودرت أراضيهم في إطار مشروع قصب السكر ، والتي قتل وجرح فيها العشرات من أصحاب الأراضي ،
  • ومع مطلع سنة 2000 ، انتفض أهالي عبادان ، واندلعت مواجهات دامية بينهم وبين قوات الإحتلال الفارسي ، احتجاجا على ثلوت مياه الشرب ، هذه المواجهات خلفت عددا كبيرا من القتلى و الجرحى ،
  • وفي عام 2003 ، وقعت مصادمات عنيفة بين قوات الأمن الفارسي والعرب في الأحواز، بعد مداهمات قامت بها قوات الشرطة الإيرانية ، ودخول بعض البيوت و مصادرة “أطباق الستالايت” ، إذ  أصبح الشعب العربي الأحوازي ينفتح و يتواصل إعلاميا مع العالم الخارجي الذي بدأ شيئا فشيئا يتعرف على قضيته ،
  • وكانت اخر الثورات التي شهدتها الأحواز العربية هي الإنتفاضة المجيدة التي اندلعت في الخامس عشر من شهر نيسان لسنة 2005 ، على إثر تسرب وثيقة تنص على ضرورة تفريس ثلثي سكان عربستان ونوزيعهم على مختلف المناطق الإيرانية .
هذا ولاتزال الأحواز العربية تعيش حالة استنفار دفاعا  عن وجودها وهويتها العربية و عن استقلالها و حريتها من الإحتلال الفارسي الغاشم .
وقد حان الوقت لتأخذ قضية عربستان مكانتها داخل الأجندة العربية الرسمية ، كما آن الآوان للشعب العربي أن يتعرف على أشقائه في الأحواز العربية و يطلع على معاناتهم ، و يدافع عن قضيتهم التي هي قضية العرب كلهم ، إذ لا يعقل أن يظل جزء من الوطن العربي محتلا منذ ما يزيد عن 87 سنة و منا من يجهل حتى موقعه الجغرافي !!
 وفي الأخير يجب التأكيد على أن تاريخ الأحواز العربية السياسي و الإجتماعي حافل برفض الإستسلام أو الخضوع أو الإعتراف بالحكم الفارسي عليه ، لإدراك العرب الأحوازيين حقهم التاريخي و الثقافي و القومي في عروبتهم وانتمائهم للأمة العربية وأن عربستان جزء لا يتجزء من الوطن العربي ،  ولعل أقل واجب علينا اتجاه قضيتنا العربية الأحوازية هو إخراجها من غياهب النسيان و التجاهل ، و التعريف بها والدفاع عنها ، فهي أبدا  لا تقل أهمية عن باقي قضايا الأمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق