بحث في هذا الموقع ابــو حـــــمــزه الأحـــــــــــواز​ي

الجمعة، 21 ديسمبر 2012

اللغة العربية.. خالدةٌ رغم أنف أعدائها 2-2بقلم:جمال بن حويرب المهيري

جمال بن حويرب المهيريفي اللغة العربية "سرٌّ" غامضٌ لا يمكن أن تبوح به الأيّام، وسؤالٌ حيّر الأولين وسوف
يبقى يحيّر من يأتي من الآخرين ولن يجدوا له جواباً، لأنّ الأمر فوق تصورّهم ولا يستطيع أن يصل إليه فهمهم، وأنّى لهم وهذا السرُّ بقي لآلاف السنين مدفوناً في أعماق تاريخ العرب لا يمكننا نبشه ولا الوصول إليه، وقد قتله بحثاً أسلافنا العلماء ولم يصلوا إلى نتيجةٍ ولا إلى إجابةٍ، وبقي الأمر معلّقاً وسرّاً من أسرار لغتنا العظيمة، وهذا السرُّ هو: هل العربية توقيفية من السماء أم هي وضعية طوّرها العرب وزادوا فيها وأصلها من لسانٍ آخر؟
وبين التوقيف والوضع جالت آراء العلماء منذ العصور الإسلامية الأولى، بسبب انبهارهم بالفصحى وإعجابهم بها أشد العجب، حتى وصل بعضهم إلى نظرية التوقيف من الله لأنّ لغةً هكذا مبانيها وشكلها وأسلوبها وقواعدها، محالٌ أن يضعها البشر من عند أنفسهم إلا بوحيٍ وتعليم. قلتُ: وأعجب من هذا كلّه أنّ العربية تجدد نفسها كل زمان، فلن ترى القدم أبداً!

العربية تزيد في العقل
لقد تعلّمت العربية منذ صغري وعشقتها فجعلت منّي رجلاً كاملاً وأنا في أول الصبا، وأرى في نفسي مقولة الفاروق عمر رضي الله عنه: "تعلّموا العربية فإنّها تزيد في العقل".
 ومن خبرتي الخاصة لو تقوم الدول العربية وتهتمُّ بتعليم الأطفال الفصحى بطريقةٍ صحيحةٍ وعلميةٍ كما فعل العلماء الأوائل، لتغيّرت عقول الشباب ولرأيتهم أكثر جديةً ونفعاً لأوطانهم ولأهلهم ولأنفسهم، لأنّها لغةٌ مباركةٌ حوت كتاب الله العزيز لفظاً ومعنىً وغايةً، ومن يشتغل بها توسّع مداركه وتزيد من ذكائه وترفع من مستوى تفكيره، فهي مثل علم الحساب دقّةً ولكنّها كلذّة سماع الموسيقى الهادئة لحناً، ولن تجد لغةً في العالم تفعل بالنفوس مثل فعلها، ولن تجد بلاغةً أبلغ من بلاغة القرآن الذي أصله من أساليب العربية الساحرة التي لا يشبهها شيء في دنيا اللغات واللهجات.

التعليم الضعيف
اللغة العربية مصيبتها ليست في أعدائها ولكن في وزارات التعليم عندنا، فهي تحاول تعليم الأجيال اللغة العربية بطريقة تنفّر منها الطلبة فيستثقلونها، ولو فكّرنا قليلاً لوجدنا أنّنا لو أعطينا الأعداء مالاً كثيراً لتنفير الطلبة العرب من لغتهم، لما نجحوا كنجاح وزارة التعليم عندنا في جعل أولادنا يكرهون تعلّم الفصحى بشكل غريب في أول حياتهم، فلمّا كبروا وعرفوا أهميّة لغتهم العالمية ندموا ولات حين مندم.
فمن الملام هنا؛ الوزارة أم الطالب؟ الجواب معروف، ولهذا نحتاج أن نبدأ في تغيير المناهج العربية لتلائم عقلية أطفالنا ولترغّبهم فيها في أسرع وقت.

هذا وأختم مقالي بأبيات من رائعة سيدي الشيخ محمد بن راشد حفظه الله، عن اللغة العربية وهي من أروع القصائد التي اطلعت عليها في العصر الحديث، وقد جمعت كثيراً من المعاني والمفردات والفخر بالأمجاد العربية وبالفصحى، يقول:


وتوَّجَ الفضلَ بالقُرآن نَزَّلَهُ
على نبيٍّ كثيرِ المكْرُماتِ نَقِي
لسانُهُ عربيٌّ وهو حافِظُهُ
إلى القيَامةِ من كَيْدِ العُداةِ وُقي
حتى إذا حانَ وعدُ البحثِ واندثَرَتْ
فرائضُ الدِّينِ واسْتَعْلَى ذَوُوا النَّزَقِ
فسوفَ يمْحُوْه من صُحْفٍ ومِنْ فِكَرٍ
وسوفَ يرفعُهُ عن كافرٍ وشَقي
فكيفَ تخْشى على ما اللَّهُ حافظُهُ
كفى به حافظاً في كُلِّ مُنْزَلَقِ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق