بحث في هذا الموقع ابــو حـــــمــزه الأحـــــــــــواز​ي

الاثنين، 30 يوليو 2012

مخاوف من توظيف إيران "استثمــاراتها" في لبنان

بعد انكفاء الدور السوري في لبنان، ثمة خشية في دوائر لبنانية من سعي ايران، التي عززت وجودها منذ اعوام، الى فرض إيقاعها لتحسين اوراق تفاوضها في المنطقة.
حين وقع الانفجار في مقر الامن القومي في دمشق، انتاب بعض حلفاء سوريا في لبنان رعب حقيقي من ان يكو
ما حصل بداية الانهيار الفعلي لنظام الرئيس بشار الاسد، بعد تقويض نظامه على مدى اشهر من النزاع المسلح، فيما احتفل أخصام سوريا في المقابل بالانتصار على نظام، كان بعضهم حتى الامس القريب يعيد نسج علاقة سوية ومنتظمة معه.
لكن اتضح بعد ايام من الانفجار، ورغم الهزة القوية التي احدثها، ان انهيار النظام السوري في تركيبته الحالية لم يحصل، بخلاف الاستنتاجات السريعة التي ذهب اليها بعض اللبنانيين، اذ عيّن الاسد فورا بدلاء عن القادة الأربعة الذين اودى بهم الانفجار، ورد بقوة عسكرية محكمة لاستعادة السيطرة على احياء دمشق، والمناطق الريفية القريبة منها. وجاء الرد من المعارضة السورية وممن يدعمها من خارج الحدود السورية، في حلب من اجل إحكام السيطرة على العاصمة الاقتصادية، التي كانت لا تزال بمنأى عن الثورة السورية، لكن اكد النظام السوري في المقابل انه مزمع على عدم التخلي عن حلب وريفها، محاولا تحقيق تقدم ملحوظ فيها. لتصبح المعركة اليوم تُختصر بمدينتي دمشق وحلب، بعدما انحسر الكلام عن بقية المناطق التي شهدت منذ 15 آذار عام 2011 اولى الانتفاضات السورية.
وفي موازاة العمل العسكري السوري، استعادت الدول العربية المناهضة للاسد دورها في محاولة منها لتحقيق كسب ما، خلال الشهر الاضافي الذي اعطاه المجتمع الدولي لنفسه بالتجديد لقوة المراقبين، في انتظار ما ستؤدي إليه المفاوضات الاميركية ـــــ الروسية.
ولان السلطة السورية لم تعد هي التي تملك مفتاح التفاوض، وبغض النظر عن استقبالات الاسد للموفد الدولي كوفي انان، بدا واضحا ان اثنين يملكان حق ادارة اللعبة السورية، روسيا التي تقود مفاوضات والصين، من اجل اخراج حل واقعي للازمة السورية، يعترف بالمتغيرات الكبيرة التي شهدتها سوريا.
في المقابل، فان معرفة موقع ايران من هذه اللعبة الدولية، تجاه سوريا، وترجمتها لبنانيا، تبدوان السؤال المركزي الذي تحاول دوائر لبنانية الاحاطة به، في ضوء التجربة الايرانية الطويلة الامد في لبنان وسوريا معاً.
ففيما تنشط الحركة الديبلوماسية الدولية والعربية على خط الازمة السورية، تذهب ايران بعيدا في دعمها الاسد، وتعبر عن ذلك في اكثر من اتجاه امني وسياسي. فليس تفصيلا ان تستعيد في هذا الظرف بالذات «الحركة الشعبية» في البحرين والسعودية بعض نشاطها، كما انها تؤكد يوما بعد آخر، انها البلد الذي يمكنه عرقلة اي تسوية، ظرفية او نهائية، في شأن سوريا، تماما كما المساهمة في حل يعزز اوراقها، ويحجز موقعا لها في اي تسوية شرق اوسطية.
وفي تقدير الدوائر اللبنانية ان ايران استثمرت سياسيا وعسكريا في سوريا ولبنان على السواء منذ عام 1983. وتعزز هذا الاستثمار منذ عام 2003 بعد الهجوم الاميركي على العراق، وتبلور في حرب تموز وما بعدها، وما ترافق عبر كل المرحلة السابقة مع الكلام العربي عن الهلال الشيعي. ولا يعقل وفقا لذلك ــ وفي ابسط البديهيات ــ ان تتخلى طهران عن هذا «الاستثمار» ومفاعيله، فتنكفئ عن الساحة السياسية التي فتحت لها، من اللاذقية الى بيروت، منفذا على المتوسط، وخصوصا انه سبق لايران ان عايشت تجربة انقلاب حركة «حماس» عليها، لتصبح في المقلب الآخر لها ولسوريا.
حتى الان لا يزال الرد الايراني محصورا في البيئتين البحرينية والسعودية، حيث هامش الحركة والرد مضبوطان الى حد. أما الساحة التي تعطي مردودا سريعا في اتجاه الفوضى، فحكما هي لبنان، الذي يمثّل الورقة الاخيرة التي يمكن طهران وحلفاءها في لبنان التلويح بها اولاً، واستخدامها ثانيا، لكن ما يبدو حتى الان، ان ايران لم تذهب بعد في هذا الاتجاه. ولم يتضح بحسب هذه الدوائر ان ثمة خطوات سريعة في هذا الاتجاه، الا اذا حتم انفلات الوضع السوري ذلك. وما يوحي ببعض الاطمئنان ان ايقاع «حزب الله»، رغم مآخذ المعارضة عليه امنيا، لا يزال ضمن اطار مضبوط ولم يخرج عن قواعد اللعبة الداخلية، التي تتأرجح بين نشاط مكثف لحلفاء سوريا، وحركة سياسية متنامية للمعارضة سقفها انتظار سقوط الاسد، لكن بقاء «حزب الله» على «حياده» الداخلي ليس بالضرورة ان يظل بلا سقف، وبلا انتهاء مهلة الصلاحية، ولا سيما بعد انقضاء العطلة الدولية وشهر التمديد للمراقبين الدوليين وسبر الحركة السعودية الجديدة تجاه دمشق إثر حملة النصرة للشعب السوري.
لذا تبدو خشية الدوائر المذكورة تصب ليس في خانة صورة الحوار او تحصين وضع الحكومة، بل في امكان تدهور الوضع الداخلي في اكثر من منطقة بعد انفلاش الاحداث الامنية المتنقلة. والاهم الخشية من ارتفاع سقف المواجهة الاقليمية في لبنان، من خلال دخول اكثر من لاعب اقليمي على خط الزلازل اللبناني. وحينها يتفلت قرار الحزب من «لبنانيته»، ليصبح اسير المواجهة الكبرى التي تحتمها رغبة ايران في البقاء على الساحل المتوسطي من اللاذقية الى بيروت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق