بحث في هذا الموقع ابــو حـــــمــزه الأحـــــــــــواز​ي

الجمعة، 4 يناير 2013

ايران حذرة من اثارة مصر وقلقة لعزلتها الاقليمية بسبب الازمة السورية

لندن القدس بدأ اجتماع "المجموعة الرباعية" التي ضمت كل من مصر والسعودية
وتركيا وايران بشأن الازمة السورية في القاهرة أيلول (سبتمبر) الماضي متعثراً، ليس فقط بسبب تغيب وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل منها بل لانها اساسا لم تكن، وباعتراف القائمين عليها، مبادرة واضحة المعالم ومتكاملة. حتى انها وصفت بانها افكار اكثر منها مبادرة. ولم يسع المشاركون لاخفاء او التقليل من شأن الخلاف في وجهات النظر والمواقف بينهم او بالاحرى بين مصر وتركيا والسعودية من جهة وايران من جهة اخرى.
ولم تتغير المواقف كثيرا اليوم اذ مازالت السعودية ومصر وتركيا تطالب بتنحي الرئيس السوري بشار الأسد وانهاء نظامه في حين أن إيران هي حليفه الرئيسي وتتهم دولا منها السعودية وتركيا بدعم المعارضة لاسقاطه.
قال بعض المحللين حينها إن مصر نفسها لم تتوقع الكثير من المجموعة وإن الرئيس محمد مرسي إنما اقترحها لتعزيز دور مصر واعادتها إلى وضع قوة إقليمية.
ولم تكن المبادرة و"الافكار" الايرانية لايجاد مخرج للازمة السورية اوفر حظا من المبادرة المصرية وغيرها من المبادرات الدولية المتتالية. خاصة وان ايران ينظر اليها على انها طرف في الصراع باعتبارها تقف الى جانب النظام ضد الثورة السورية.
واتسعت الهوة بين ايران ومصر وباقي اللاعبين الاقليميين بشأن سوريا اذ مازال كل طرف متمسكا بموقفه بينما تشتد المعارك والمواجهات المسلحة بين الجيشين النظامي والحر وبروز مؤشرات على تحقيق الاخير انجازات على الارض تقلق حلفاء النظام.
حذر وزير الخارجية المصري محمد كامل في مقابلة مع صحيفة الشرق الاوسط اللندنية في تشرين الاول (اكتوبر) الماضي الايرانيين من "إنكم الآن جزء من المشكلة وإذا ما بقيتم هكذا فستظلون جزءا من المشكلة .. إذا ذهب هذا النظام وأنتم مصرون على الوقوف معه، فستذهبون معه ولكن لو شاركتم في الحل، فسيكون لكم مكان".
وجدد الرئيس المصري محمد مرسي قبل ايام موقف مصر الرافض للنظام السوري والمناوىء للرئيس بشار الاسد حين قال انه "لا مجال للنظام السوري الحالي مستقبل في سوريا".
وهذا يضع مصر وايران بشكل قاطع على طرفي نقيضين.
قال الرئيس المصري في خطابه خلال جلسة افتتاح الدورة البرلمانية لمجلس الشورى المصري السبت الماضي أن أمن الخليج مسؤولية قومية مشيرا إلى أن العرب سيقفون جميعا صفا واحدًا لحماية أمنهم وان أمن الخليج من أمن مصر وانه لا يحق لاي جهة تهديد دول المنطقة.
يبدو ان الرئيس المصري اراد ان يؤكد دعمه لدول الخليج التي هو بحاجة اليها لدعم مصر في مرحلتها الانتقالية حين ربط أمن الخليج - الذي أصر على تسميته ب "الخليج العربي" – بأمن مصر ووقوف مصر بجانب دوله بوجه "التهديدات الايرانية"، وهو ما ازعج الايرانيين واثار غضب الصحافة الايرانية التي وجهت له انتقادات لاذعة.
في هذه الاثناء هون الدبلوماسيون الايرانيون من هذه التصريحات اذ اعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية رامين مهمان برست ان "الاختلاف في وجهات النظر لا يعتبر معاداة".
يبدو ان ايران، التي تعاني من عقوبات اقتصادية وعزلة دولية، لا تريد فتح جبهة اخرى مخالفة لها في المنطقة. يكفيها ان علاقتها مع تركيا فاترة الى حد كبير وتمر بتأزم بسبب الازمة السورية وتبعاتها وقضية نشر صورايخ باترويت على الاراضي التركية.
اما العلاقات مع دول الخليج فليست باحسن حال ولازالت تسودها الهواجس والشكوك في ظل مخاوف خليجية من "تدخلات ايران في شؤونها الداخلية" ومن برنامجها النووي كما جاء في بيان قمة مجلس التعاون الخليجي الختامي التي عقدت الشهر الماضي، ومخاوف ايرانية من تواجد القواعد والقوات العسكرية الاميركية والغربية في تلك الدول والتي تعتبرها ايران تهديدا لأمنها واستقرارها.
هناك قلق حقيقي في طهران من ان يؤدي تدهور الوضع العسكري للنظام السوري على الارض الى اضعاف قبضة النظام وتراجعه امام قوى المعارضة المسلحة واحتمال سقوطه في نهاية المطاف.
سياسيا تخشى الجمهورية الاسلامية من احتمال حدوث تغيير في الموقف الروسي حيال سوريا كما برزت مؤشرات طفيفة في الفترة الاخيرة الى ذلك. وهو ما دعا مساعد وزير الخارجية الايراني امير عبد اللهي لزيارة موسكو في وقت سابق للتأكد من استمرار وقوف روسيا الى جانب النظام السوري. ويبدو ان المسؤول الايراني حصل على تطمينات روسية بهذا الشأن، حتى الان، اذ اعلن ان مواقف طهران وموسكو لم تتغير حيال الأزمة في سوريا وان الجانبين لا زالا ثابتين على مواقفهما.
كتب الدكتور سيد محمد صدر وهو مساعد سابق لوزير الخارجية الايراني مقالا في موقع "ايران دبلوماسي" التحليلي طالب فيه واضعي السياسة الايرانية الى اتخاذ مواقف اكثر موضوعية وبراغماتية حيال ما يجري في سوريا واغتنام ما تبقى من فرصة لتصحيح المواقف والتفكير بفترة ما بعد الاسد حفظا لمصالح ايران القومية قبل فوات الاوان. وأشار سيد صدر الى ان ايران فقدت قبل عام فرصة ثمينة للعب دور الوسيط في حل الازمة السورية، موضحا ان المبادرة الايرانية الاخيرة جاءت متأخرة وبمثابة "ترياق عقيم بعد موت سهراب" حسب المثل الايراني، في اشارة الى الاسطورة التاريخية الايرانية التي تروي محاولة البطل الاسطوري رستم انقاذ ولده سهراب عبثا بعد ان قتله في الحرب ولم يعرفه إلا لحظة احتضاره.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق