بحث في هذا الموقع ابــو حـــــمــزه الأحـــــــــــواز​ي

الخميس، 10 يناير 2013

الشيخ رفسنجاني وهو يعلن الحقيقة العارية بقلم: داود البصري

من المعروف عن رئيس البرلمان الإيراني, الرئيس الإيراني السابق, ومثل الخميني في مجلس الدفاع الأعلى السابق, رئيس مجلس مصلحة تشخيص النظام الإيراني الحالي الشيخ علي اكبر هاشمي رفسنجاني براغماتيته المطلقة وصراحته الواضحة وكذلك رؤيته المتميزة والمخالفة للنظام السائد و الذي يعتبر هو ذاته أحد مؤسسيه الفاعلين و المهمين , ومن الجيل الثوري الأول الذي كان إلى جانب الخميني حتى النفس الأخير , كما أنه العراب الحقيقي لصفقة تصعيد السيد حجة الإسلام علي خامنئي لمرتبة آية الله العظمى! في إنقلاب حوزوي فريد في تاريخ المرجعية الشيعية ليتحول "رهبر" للثورة وفقيه الفقهاء والخليفة الأول للخميني الراحل والولي الفقيه للجموع المؤمنة بالدور و المرجعية الإيرانية في العالم الإسلامي.
شخص بحجم و رتبة و خبرة رفسنجاني لا يمكن إلا أن يكون لرأيه صدى وحقائق و توابع أيضا , فالرجل رغم ريادته القيادية ودوره المرموق في النظام الديني الحاكم في إيران إلا أن له مشكلاته العويصة و المتجذرة مع النظام الحافل بمراكز القوى وبالقطط الفارسية السمان ! فولده مهدي و إبنته فائزة هما اليوم نزيلان قابعان في زنازين سجن "إيفين" الرهيب في طهران بتهمة معاداة النظام والتحريض عليه! رغم سماجة وسخافة تلك التهمة ? إلا أن للرجل بقية من مهابة و إحترام في الأوساط الإيرانية وليس من السهل أبدا تجاوز مكانته الإعتبارية , فرفسنجاني الذي تقلد الرئاسة في زمن صعب حفل بتحديات مرحلة مابعد رحيل الخميني عام 1989 نجح بشكل ملفت للنظر في تخفيف التوتر في علاقات إيران مع المحيط العربي المجاور , وكان حريصا على توطيد العلاقات مع السعودية وحتى مع العدو اللدود في عراق صدام حسين , وساهم بشكل مباشر في تنفيس الإحتقانات السياسية في المنطقة , وهو اليوم يترأس جهازاً سلطوياً له أهميته في بنية النظام الديني الحاكم.
أعرب رفسنجاني أخيراً وفي تصريح مثير للإهتمام عن إعتقاده الجازم بقلة فرص نظام بشار في سورية بالبقاء! وإن يقل المرء مثل هذا الرأي ومن عمق طهران ففي ذلك موقف مهم ولفتة مثيرة للإنتباه و التأمل وحتى التوقف , فالنظام الإيراني يعتبر المعركة في الشام معركة تحد وجودي حقيقية , فدمشق بشار تمثل خط الدفاع الأول عن العمق الإيراني من الناحية الستراتيجية الصرفة , وسقوط النظام السوري هو بمثابة كارثة حقيقية لكل دفاعات و ترتيبات الأمن القومي الإيراني , وقد بذل النظام المال الوفير والتسليح الكبير وحتى الرجال من المقاتلين والخبراء من أجل منع إنهيار النظام, بل إن إيران خاطرت حتى بمصالح و مواقف الطائفة الشيعية في العالم العربي من أجل إجبارها على دعم نظام قتلة الشام رغم وقوف الغالبية الشيعية على الحياد وهي تنتظر نتائج المعارك المحتدمة في الشام , فالشيعة بمجملهم لاناقة لهم ولا جمل في معاداة الثورة الشعبية السورية لأن في ذلك تناقضاً مركزياً مع أصل العقيدة الشيعية المعروفة , إلا أن للنظام الإيراني وشبكة حلفائه وحواريه في الشرق وجهة نظر أخرى و مختلفة بالمرة لكونها تصب في إطار مصلحة النظام الستراتيجية العليا على صعيد إدارة ملفات المسألة النووية ومكانة إيران العسكرية و السياسية في المنطقة.
في المحصلة فإن رفسنجاني وهو يبشر بالإحتمالية القوية لسقوط بشار إنما ينطلق في تحليله من خبرته الميدانية الطويلة في ميادين الحرب و السياسة وإدارة الملفات المعقدة , وهو يعلم كما أن المرشد الإيراني السيد الخامنئي يعلم أيضا بأن معركة دعم نظام جلاد دمشق البعثي هي معركة خاسرة بشكل مؤكد  لان لا يمكن للقتلة والمجرمين الإنتصار على شعوبهم مهما كانت ذرائعهم , ولكن لغة المصالح والمخاوف على الذات قد رسمت مسارات ومواقف في غاية الغرابة و التناقض أيضا , ورفسنجاني حينما صرح بما صرح به فهو في إعتقادي يضع الخطوط الأولى لبرنامج متدرج في تغيير الموقف الإيراني الرسمي من حالة الصراع في الشام , وهو موقف سيتطور وينضج وتتضح معالمه مع تطور عمليات التفوق الميداني لقوات الجيش السوري الحر وقوى المعارضة , وإنني أجزم فيما لو كان الشيخ رفسنجاني صاحب الكلمة الأولى في إيران لأتخذ الموقف الإيراني مسارات أخرى , فما زال التاريخ يذكر لرفسنجاني موقفه المهم في إقناع الخميني بوقف الحرب مع العراق صيف عام 1988 وهي الحرب التي أرادها الخميني أن تستمر حتى دخول كربلاء و إقامة الجمهورية الإسلامية في العراق , إلا أن المواقف الدولية لم تكن لتسمح بتحقق مثل تلك الأهداف ما عرض إيران لضربات مميتة وقتها نجح رفسنجاني بإعتباره ممثلا للإمام في مجلس الدفاع الإيراني الأعلى في إقناع الخميني بإستحالة تحقق الأهداف الإيرانية  فكان تجرع كأس السم الشهير والقبول بالقرار الأممي 598 المهم إن تصريحات رفسنجاني قد تكون الخيط الأول في موقف إيراني متحول , فمهما كانت درجة التحالف فإن إيران ليست على إستعداد لصعود سلم حبل المشنقة مع بشار الاسد و نظامه, وتلك هي الحقيقة العارية التي أماط رفسنجاني الستار عنها ! , فتأملوا , وترقبوا , و انتظروا , فإننا من المنتظرين.
كاتب عراقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق