بحث في هذا الموقع ابــو حـــــمــزه الأحـــــــــــواز​ي

الأربعاء، 30 نوفمبر 2011

الأغلبية الصامتة..!! بقلم :جرير خلف


العرب اون لاين

حين تتواجه المتضادات وتطفو على السطح الصراعات وتبدأ أطرافها بالاستعراض العددي والكتلي تتفتح العيون وتبدأ البحث عن الأغلبية التي لم يظهر موقفها جليا في الإشكالية أو في القضية الخلافية موضوع التمترس. حيث تفضل هذه الأغلبية الركون في حضن المتلازمة الأمينة "لا أسمع.. لا أرى.. لا أتكلم"، عندها قد يبدأ تطفيش أو تهميش المجموع العام، أو قد يبدأ الجذب والشد والترهيب والترغيب لهذه الأغلبية لتعويض النقص النسبي لدى الأطراف المتشاكلة من خلال الاحتيال على هذه الأغلبية أو استخدامها للاحتيال المرحلي.

ومن المنطق أن الأغلبية هي الأقدر دوما على تثبيت مصالحها العمومية في محتوى الإشكالية.. ولكن مراكز القوى دوما تعمل على سرقة رغبات وأحلام الأغلبية من خلال صمت هذه الأغلبية والنطق عنها وتعمل على اختراق القضية ليصبح زعرانها ومنظروها هم أصحاب الصوت العالي والحضور المهيمن على الساحة طالما هي ملكت الكراسي ووزعت الغنائم.. في حين أن مصالح هذه الأغلبية كانت هي الهدف من الإشكالية التي أحدثتها طلائع المجموع العام الذين تعافوا من الصمت وانسلخوا عن تكايا الصمت أو انسلخت عنها الأغلبية.. لتنتقل بصمتها من السبب إلى الوسيلة ولتصبح بعد كل التضحيات لأجلها.. طوق النجاة لمحدثي الخراب وصناع القهر والموت..

ونهلا من الحالة العربية، وبعد البحث عن الظواهر العينية لهذه الأغلبية الصامتة، حق لنا أن نتساءل: هل الأغلبية الصامتة "كجزء من كل" في دمشق وحلب مثلا لم تحسم موقفها بعد.. أم هي لا تريد أن تحسم موقفها لإدراكها أن لا فائدة من بيان موقفها.. أم غلب الخوف عليها فابتعدت ولسانها معقود في فم غيرها عن مناطق التناقض الساخنة خوفا من الاصطفاف الخاطئ قياسا بالنتيجة..؟! وهل يغلب على مكوناتها الزئبقيون الذين ينتظرون الانتقال بسلاسة للطرف المنتصر لاحقا.. مع احتفاظهم بحق قبض ثمن الصمت من النظام ما دام موجودا؟!. وربما كانت خليطا غجريا قد شمل جميع المذعورين والانتهازيين والضائعين بين أكوام الهم اليومي الذي يضرب على سمعهم وبصرهم ولا يحلل عقدة من لسانهم..!

إذن لماذا تبقى هذه الأغلبية صامتة.. وهي التي يتم دفع الدم مدرارا لإنقاذ كرامتها في سوريا..؟! ولماذا تتعربش هذه الأغلبية منصات التطبيل والتزمير في ساحات النظام السوري لتنشد للقائد الأبدي أغنية الخلود وعيونهم على أزلام النظام يوزعون الابتسامات لهم توقيعا على إثبات حضورهم.

هل عجزت هذه الأغلبية عن استيعاب الدروس العربية حين ارتكبت الأغلبية الجريمة تلو الجريمة بصمتها على قتلة الأنبياء والأطفال والنساء في فلسطين.. وحين ارتكبت هذه الغانية الصامتة الكبائر حين غضت الطرف عن ضياع العراق وتسليمه لصبية إيران بحجة التحرير؟!.

الصمت جريمة حين تصرخ فلسطين "وا عرباه.." فلا تسمع سوى صدى صوتها يرتد عليها بعد اصطدامه بظهورنا، والصمت جناية حين تصرخ حرائر حمص وحماة "وا معتصماه" فلا تجد سوى نبيل العربي يفتش في الأجندة عن تاريخ جديد للمهلة الخامسة عشرة للنظام.. والصمت قاتل حين يحدثنا معمم من إيران عن المقاومة وهو يقبض على أرواح ثمانية ملايين عربي في الأحواز العربية ينكل بهم ثأرا من معاوية "رضي الله عنه" بينما أصبعه في أعيننا يشير به بأننا إمبرياليون.

ربما تعودنا أن نرتكب نحن "الأغلبيات" الصامتة في الوطن العربي بكل تفاصيلها المنهكة جريمة الحياد وترك البلاد للعاطلين عن الفهم والقائمين على ممارسة احتلال المناصب والساحات والشاشات والعقول ليحددوا مسارنا ونقاط التقائنا وطرائق موتنا ومسارات يومنا.. حتى باتت عملية اختيار ألوان ملابسنا الداخلية مثلا من مسؤوليات الأنظمة التقدمية.. ولكن قد طفح الكيل وخجلت نساؤنا من أنوثتنا ونحن نعض على أسناننا غيظا من أقدام داست على ذقون شيابنا وجبهات شبابنا باسم المقاومة والممانعة.. لقد طفح الكيل من صمتنا وأصبح الصمت يقرف من أفواهنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق