بحث في هذا الموقع ابــو حـــــمــزه الأحـــــــــــواز​ي

الأحد، 6 نوفمبر 2011

إيران.. صراع على التوريث و بداية السقوط؟ بقلم: حسن راضي









منذ إنتصار الثورة في إيران عام 1979 لم تخلو الساحة السياسية الإيرانية من الصراع المحتدم. تعددت أوجه و أطراف ذلك الصراع و لم تتغير أدواته و محتواه و الذي يهدف إلى حذف الآخر و السيطرة على السلطة مهما كلف من ثمن.

تنوع أوجه الصراع في إيران و أنتقل من صراع النظام مع الشعوب الغير فارسية في بداية الثورة الى صراع مع المنظمات الفارسية, ثم إلى صراع داخل تيارات النظام نفسه. و نتيجة لذلك الصراع تم حذف كل التيارات داخل النظام على يد المتشددين. و أهم تلك التيارات هو تيار الاصلاحي في إيران الذي تم تصفيته من الساحة السياسية في نهاية حكم رئاسة محمد خاتمي عام 2005. و وجهت له الضربة القاصمة عام 2009 حينما حاول هذا التيار العودة إلى السلطة من خلال الانتخابات الرئاسية و بوجوه جديدة, حيث تم إبعادهم و قمعهم بشدة و أنتهى الأمر بهم في السجون و المنافي و الإقامة الجبرية كما هو حال مير حسين موسوي و مهدي كروبي أبرز قياديي هذا التيار.

بعد أن صفت الأجواء في السلطة للتيار المتشدد في إيران بقيادة المرشد خامنئي, بدء التصدع داخل هذا التيار يلوح بالافق بقوة و ظهر إلى العلن حين أقال أحمدي نجاد, وزيره في حقيبة المخابرات حيدر مصلحي و تم رفض الإقالة من قبل المرشد خامنئي. تعمقت الخلافات بين الجناح الواحد و لا يمكن الرجوع الى الخلف لإصلاح الأمور حيث قد أتهم أحمدي نجاد و جماعته بالمنحرفين من قبل مجموعة المرشد مما يوحي بان قرار طردهم من الساحة السياسية و بشكل نهائي قد اتخذ من قبل خامنئي. سربت وسائل الإعلام الإيرانية الموالية و القريبة للمرشد و على لسان داوود أحمدي نجاد, شقيق الرئيس, محاولة الأخير لانقلاب عسكري و إستلام السلطة و كذلك عن نية أحمدي نجاد توريث صهره و رئيس مكتبه أسفنديار مشائي من خلال دعمه بهدف إحتفاظ الأول بمسؤولية كبيرة في السلطة بعد نهاية حكمه في أواسط عام 2013 على طريقة بوتين و مدفيديف في تبادل ألادوار السياسية و المناصب السيادية. وفي المقابل هنالك توجس و مخاوف عند شريحة واسعة في إيران من توريث المرشد السلطة لنجله مجتبى خامنئي. هذا التخوف و إتهام كل طرف بتخطيط مؤامرة على الآخر يعكس عمق الأزمة و الفجوة بين الطرفين.

الأحداث المتسارعة داخل الجناح المتشدد و عمق الفجوة و الشرخ بين الاطراف المتصارعة على السلطة, عزلة إيران الإقليمية و الدولية و شبح قصف مفاعل إيران النووية, و أزمته الداخلية إقتصاديا و سياسيا بما فيها نضال الشعوب الغير فارسية عوامل ستدفع كل طرف بإتخاذ حلول جراحية و سريعة للسيطرة على السلطة, قبل أن تنخر الخلافات جسد النظام المتمزق نتيجة لتلك العوامل.

إنطلاقا من هذه القراءة للمشهد السياسي الإيراني ستكون هناك عدة سيناريوهات للخروج من هذه الأزمة المستعصية داخل النظام, أهم هذه السيناريوهات هي:

السيناريو الأول, إقالة أحمدي نجاد من منصبه من قبل على خامنئي و الدعوة إلى إنتخابات رئاسية مبكرة و حذف مجموعة أحمدي نجاد من السلطة بشكل نهائي بتهمة الإنحراف و التخطيط لإنقلاب عسكري. و هنا ممكن تتم دعوة الإصلاحيين خاصة المعتدلين و المقربين لخامنئي للمشاركة في الإنتخابات من أجل خلق نوع من التوازن السياسي و المنافسة على السلطة تحت خيمة المرشد.

السيناريو الثاني, الإنتظار حتى نهاية حكم أحمدي نجاد في منتصف عام 2013 مقرونة بتحجيم صلاحياته و تجريده من قدراته من خلال إعتقال الأفراد و الشخصيات المقربة منه أو إبعادهم من السلطة و الضغط عليه من خلال مسائلته المستمرة في البرلمان التي بدءت بالفعل. و في هذه الحالة سيبقى الرئيس فردا ضعيفا و مطيعا و لا يشكل خطورة أو تهديدا على خامنئي. و من ثم سيتم حذف منصب رئاسة الجمهورية و كذلك سيتم حذف أو حل مجلس تشخيص مصلحة النظام من خلال تعديل الدستور الإيراني لقيام نظام برلماني و ينتخب رئيس وزراء من قبل البرلمان, حسب ما جاء على لسان محمد دهقان عضو هيئة رئاسة البرلمان الإيراني. و حينها تكتمل القبضة الحديدية على السلطة بيد المرشد و ستتم خطة توريث السلطة لنجله أو لشخص مقرب له دون إعتراضات و عراقيل.

السيناريو الثالث, يتم تطبيق الإتهامات بالإنقلاب العسكري من قبل أحمدي نجاد و مجموعته على المرشد و إستلام السلطة. هذا الإحتمال سيكون مبررا إذا تعرضت إيران للضربة العسكرية الغربية أو الإسرائيلية. و يقال إن أحمدي نجاد يدفع بالغرب إلى ضرب إيران عسكريا, حتى ينفذ خطته في السيطرة على السلطة بانقلاب عسكري. و سرب الإعلام الإيراني إن أحمدي نجاد أتصل بالأميركان لفتح علاقة مباشرة معهم و تحسين العلاقات بين الطرفين و على ما يبدو تلقى ردا إيجابيا من قبل واشنطن. و ما يدعم هذا السيناريو تصريحات أحمدي نجاد في مقابلاته و خطابات الأخيرة حول حبه لشعب الأميركي, إضافة على حديث و خطابات صهره إسفنديار حول ود و حب الشعب الإيراني لشعب الإسرائيلي. هذه الرسائل العلنية التقطتها واشنطن و تفاعلت معها. و يمكن فهم و تحليل التحركات و التصريحات الإسرائيلية و الاميركية في هذه الأيام تجاه إحتمال ضرب إيران عسكريا ما هي الإ خطوات الأولى لتنفيذ سيناريو الإنقلاب العسكري.

رابعا, السيناريو الرابع هو سقوط النظام الإيراني بأكمله نتيجة تآكله من الداخل أو من خلال ثورة عارمة و شاملة في إيران على غرار ثورات الربيع العربي, تأثيرا بها و بنتائجها المستقبلية, و في هذه الحالة سيتدخل الغرب في تسريع سقوط النظام. سيأتي تدخل الغرب تماشيا مع ما يحصل في المنطقة و تكميلا لدوره و مشروعه في خلق توازنات و تحالفات تتناسب و الظروف الجديدة التي خلقتها ثورات الربيع العربي.

و ستبقى كل الأحتمالات مفتوحة على مصراعيها في إيران نظرا للتطورات الكبيرة التي حصلت في المنطقة و بالتاكيد لن تكن إيران معزولة عنها, إضافة على الحراك السياسي داخل إيران من قبل أطياف متعددة الأهداف و التوجهات في السلطة و خارجها. و الشواهد تبرهن إن الصراع الذي كان بين الهرم و القاعدة قد تعمق, و ما يزيد الوضع خطورة و ينذر بالسقوط الحتمي هو الصراع الذي أنتقل إلى الهرم الذي عليه مواجهة القاعدة الشعبية و مواجهة التصدع الذي بدء ينقسم على ذاته عموديا و افقيا, و هنا تكمن الخطورة في السقوط و التفكك.

Ahwazi5@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق