بحث في هذا الموقع ابــو حـــــمــزه الأحـــــــــــواز​ي

الأحد، 2 مارس 2014

الشاعر العربي الذي أعدمته إيران بقلم: ياسر الزعاترة

في مقال له بتاريخ 13 شباط/ فبراير بصحيفة الأوبزرفر البريطانية، تطرق الكاتب روبرت فيسك لقضية إنسانية تتعلق بمصير شاعر عربي أحوازي كتب الشعر بالعربية والفارسية، واسمه هاشم شعباني، وكان الإعدام من نصيبه على يد السلطات الإيرانية، أو جلادي الحرس الثوري، ومعه أيضا صديقه الشاعر هادي رشيد. أعدم بتاريخ 27 كانون ثاني/ يناير 2014، واللافت أن حسن روحاني قد صادق على الحكم، كما هو العرف السياسي، والأكثر إثارة أن ذلك حدث بعد زيارة لمنطقة الأحواز ووعوده لأهلها بمعاملة أفضل!!
بسخرية مرّة، اقترح روبرت فيسك إنشاء جمعية للشعراء الإيرانيين الأموات أو الشعراء
الإيرانيين الشهداء التي انضم إليها عضو جديد؛ هو شاعر إيراني من أصل عربي في الأحواز في أقصى الجنوب الغربي للبلاد على الحدود العراقية.
بحسب فيسك، فقد تم اعدام شعباني (كذلك صديقه) بتهمة “الإفساد في الأرض”، وهو واحد من مئات أعدمتهم الثورة الإسلامية منذ 1979. لكن كل شيء حول هاشم شعباني، يضيف الكاتب يصرخ بالـ”عار على الجلاد”، نظرا لشعره (أي شعباني) المسالم، وثقافته الأكاديمية، ورعايته لوالده المعاق الذي أصيب إصابة بالغة خلال الحرب العراقية- الإيرانية، وحبه لزوجته وابنه الوحيد. ثم يسأل فيسك، ولكن من قتله؟
يحمّل فيسك وزارة الداخلية الإيرانية المسؤولية، ويرى أن قاضي المحكمة الثورية محمد باقر موسوي هو المجرم الأول. ويضيف موضحا “على مدى أكثر من سنتين، كان الحرس الثوري الإيراني وموظفو وزارة الداخلية عرضة للقنابل المتفجرة في إقليم الأحواز ذي الغالبية العربية، وهذا يعني أن لديهم ثأرا مطلقا”. لكن ذلك لا ينبغي أن يزيح المسؤولية برأينا عمن صادق على الحكم، أعني روحاني.
وبحسب فيسك “اتهم شعباني بمساعدة “المقاومة”، ربما بكتابته الشعر بالعربية، أو حتى ترجمته الشعر الفارسي للعربية، فكل هذا يؤهل الكاتب لأن يتهم بالتخريب هذه الأيام”!!
لكن شعباني ليس سوى صوت لشعبه المضطهد والمهمش رغم أن الجزء الأكبر من ثروات إيران يأتي من مناطقه، وقد بعث برسالة من السجن يقول فيها إنه لا يستطيع أن يبقى صامتا تجاه “الجرائم البشعة التي ترتكبها السلطات الإيرانية ضد الأحوازيين، وخاصة الإعدامات التعسفية الظالمة”، مضيفا “حاولت أن أدافع عن الحقوق التي يجب أن تتمتع بها كل الشعوب في هذا العالم، وهي أن تعيش بحرية وبكامل الحقوق المدنية. ومع كل هذا الشقاء والمآسي لم أرفع سلاحا لمحاربة هذه الجرائم البشعة إلا قلمي”.
ويعلق فيسك قائلا إن هذه “ربما كانت هذه سقطة شعباني، ففي إيران القلم أكثر حدّة من السيف، خاصة عندما تعيش القوى الأمنية في البلد، وبشكل متزايد حالة من الرهاب حيال مخاطر الانفصاليين؛ ليس في منطقة الأحواز (العربية)، ولكن في بلوشستان وكردستان الإيرانية وغيرها من الأقليات التي تعيش في البلد”.
وكان الأكثر إثارة للسخرية هو ظهور شعباني (أعدم مع 14 آخرين من ناشطي حقوق الإنسان) في كانون الأول/ ديسمبرعلى قناة برس تي في الإيرانية، و”اعترف” بتورطه “بالإرهاب الانفصالي”، وأنه دعم “البعث” وأكثر سخافة من هذا، زعمت القناة بأنه اتصل مع الرئيس المصري حسني مبارك والعقيد معمر القذافي، أي قبل الإطاحة بالأول وقتل الثاني!!
ونقل فيسك مقاطع من قصيدة أخيرة لشعباني قبل إعدامه قال فيها “سبعة أسباب تكفي لأموت، لسبعة أيام وهم يصرخون بي: أنت تشن حربا على الإله! في السبت قالوا: لأنك عربي. في الأحد: حسنا، إنك من الأحواز. في الاثنين: تذكر أنك إيراني. في الثلاثاء: أنت سخرت من الثورة المقدسة. في الأربعاء: ألم ترفع صوتك على الآخرين؟ في الخميس: أنت شاعر ومغنٍ. في الجمعة: أنت رجل، ألا يكفي كل هذا كي تموت؟”.
تفتح قصة الشاعر شعباني جرحا عميقا في المشهد الإيراني، طالما كان مسكوتا عنه، هو ذلك المتعلق بالأقليات فيها، بخاصة الأقلية العربية الأحوازية التي تعاني الظلم والتمييز على نحو بدأ يدفع شبابها نحو دعوات الانفصال، وحتى العمل المسلح. وللعلم فإن الأحوازيين هم خليط من الشيعة والسنّة، ما يعني أن الأمر يتجاوز البعد الطائفي إلى البعد العرقي، بل إن البعد العرقي هو الأصل، وما يتعرض له من تمييز أيضا، له دوافع عرقية، رغم أن الجزء الأكبر من ثروات إيران يأتي من مناطقهم كما أشير من قبل.
ولا يتوقف الأمر عند الأحوازيين العرب، بل أيضا يطال البلوش، في ذات الوقت الذي يعاني فيه السنّة من تمييز واضطهاد ديني. وحين تلعب إيران على قضايا الأقليات في العالم العربي، فلا بد أن تعلم أن بنيانها من زجاج أيضا، وبوسع الآخرين أن يلعبوا على تناقضاتها إذا لم تقبل بحسن الجوار، من دون أن يعني ذلك السكوت عن تمييزها بحق أقلياتها، لأن تلك قضية أخرى، والظلم ليس مقبولا في أية دولة، أيضا كانت. لكن من يقفون إلى جانب أقلية لا تتعدى نسبتها 10 في المئة من السكان، ردت بالموت على مطالب شعب بلادها في الحرية (أعني في سوريا) لن يستغرب عليهم أن يفعلوا ما يفعلون بأقلياتهم هناك في إيران.
(جریدة الدستور 2014-03-02)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق