بحث في هذا الموقع ابــو حـــــمــزه الأحـــــــــــواز​ي

الاثنين، 13 مايو 2013

مجدداً... إيران جزء من المشكلة!بقلم:د. عبدالله خليفة الشايجي

یقدم المشهد السوري الدور الإيراني في المنطقة بلا رتوش أو مواربة. ومنذ أن قررت
إيران الوقوف إلى جانب نظام الأسد في سوريا داعمة إياه على جميع المستويات، العسكرية واللوجستية والسياسية، ضد شعبه الذي أزهق أرواح أكثر من 80 ألفاً منه في عامين، وإيران تستمر في حرق رصيدها وأوراقها والثقة التي عملت لسنوات على كسبها في الشارع العربي، عن طريق قوتها الناعمة ودعمها للقضية الفلسطينية وقوى المقاومة في المنطقة.

ولكن كل ذلك انكشف مع انحياز إيران للنظام السوري ضد شعبه منذ تفجر الثورة السورية قبل عامين. وحتى قبل ذلك صُدم كثير من المعجبين بإيران ودورها بقمع الثورة الخضراء إبان انتخابات الرئاسة عام 2009، والدور الإيراني في العراق. وطبعاً هناك الامتحان الدائم الذي هو المحك الحقيقي للثقة المفقودة في إيران بسبب استمرار احتلالها للجزر الإماراتية منذ عام 1971. ولا تفوت إيران مناسبة أو فرصة دون أن يطلق مسؤولوها تصريحات مستفزة توسع من فجوة الثقة مع الإماراتيين والعرب بتأكيدها على الدوام على "فارسية" الجزر الإماراتية المحتلة! وفي الأسبوع الماضي استمرت إيران في حركاتها الاستفزازية بزيارة وفد من مجلس الشورى الإيراني لجزيرة أبو موسى الإماراتية المحتلة، التي وصفها الناطق باسم الخارجية الإيرانية بأنها "شأن داخلي بحت. تقع ضمن نطاق صلاحية ومسؤولية طهران. والجزر الثلاث جزء من الأراضي الإيرانية إلى الأبد"! وقد ردت دولة الإمارات العربية المتحدة على تلك الزيارة الاستفزازية مستنكرة بشدة ورافضة بشكل قاطع زيارة وفد مجلس الشورى للجزر. ووصفتها بأنها "انتهاك صارخ لسيادة دولة الإمارات وتقويض لكل الجهود المبذولة لإيجاد حل سلمي لهذه القضية". وهناك التدخل الإيراني والحملة الإعلامية المعادية للبحرين في وسائل الإعلام الإيرانية الناطقة بالعربية والإنجليزية التي تزيد من أزمة الثقة تجاه إيران في المنطقة.
وخلال الأسبوع الماضي برز العديد من المواقف الإيرانية التي تصب في ذلك التوجه الذي يكرس حالة الحرب الباردة بين إيران وجوارها العربي، وذلك من خلال ما رصد من مواقف وتصريحات سكبت المزيد من الزيت على النار. وقد برزت في الأسبوع الماضي ثلاثة تطورات في المنطقة تشير إلى الدور الإيراني المتصاعد، والذي يستمر في فرض نفسه كجزء من المشكلة وليس كجزء من الحل. فقد زار وزير الخارجية الإيراني دمشق وعمان، حيث كان واضحاً التوتر في المؤتمر الصحفي الذي جمع وزير الخارجية الأردني مع نظيره الإيراني في عمان، وخاصة بعد توجيه اتهامات إيرانية للأردن على لسان مساعد رئيس الأركان الإيراني، الذي اتهم الأردن بأنه "مخلب في يد الصهيونية"! فيما كرر وزير الخارجية الإيراني موقف بلاده الداعم للنظام السوري، ووقوف طهران مع حليفها الأسد. وسبقه إلى ذلك علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) بتأكيده "أن ما يحدث في سوريا غايته إضعاف الحكومة وفتح الباب أمام الجماعات الإرهابية". أما قائد القوات البرية الإيرانية، فأكد "وضع إيران كل خبراتها بين يدي الجيش العربي السوري"! ولكن التصريح الأكثر استفزازاً أطلقه علي ولايتي وزير الخارجية الإيراني الأسبق، ومستشار المرشد خامنئي، وهو مرشح رئاسة محتمل في انتخابات الرئاسة الإيرانية التي ستجرى في الشهر القادم، حين أعلن أن "سوريا ليست وحدها، وإيران لن تتركها وحيدة في الميدان... وأنه لولا دعم إيران لما صمد نظام الأسد في وجه المؤامرة للإطاحة به... وأن أميركا وحلفاءها لم يستطيعوا إسقاط النظام السوري". ووسط كل ذلك يخرج أمين عام "حزب الله" ليؤكد عدم السماح بسقوط نظام الأسد، وأن الحرب هي حرب القدس وفلسطين! وفي رفع مؤشر التوتر ذهب الأسد ونصرالله يهددان بفتح جبهة الجولان وتزويد "حزب الله" بسلاح كاسر للتوازن كرد استراتيجي على الغارات الإسرائيلية على سوريا، التي نددت بها إيران. ما يرفع منسوب التوتر والمخاوف من تمدد الحالة السورية الخطيرة، التي تهدد بحرب طائفية مذهبية في المنطقة من سوريا إلى لبنان والعراق، في قوس يمتد من إيران إلى لبنان.
والموقف الثاني كان إدانة محكمة التمييز الكويتية التي تعتبر أحكامها نهائية ولا يمكن الطعن فيها، لشبكة التجسس الإيرانية بعد محاكمة مطولة، بتأييد حكم محكمة الاستئناف بالسجن المؤبد لأربعة متهمين فيما برأت ثلاثة آخرين. وكانت من بين التهم التي وجهت لشبكة التجسس الإيرانية في الكويت تهم بالخيانة، ومن بين المتهمين دبلوماسي في السفارة الإيرانية في الكويت. وتعالت الأصوات من نواب حاليين وسابقين في مجلس الأمة بوجوب طرد السفير الإيراني من الكويت، وأن الخطر الحقيقي على الكويت قادم من إيران. وهذا يزيد من دائرة الشك وعدم الثقة بين الكويت والطرف العربي وخاصة الخليجي من جهة، وبين إيران من جهة أخرى.
وأما الموقف الثالث فكان من خلال قيام إيران بإجراء مناورات بحرية قرب مضيق هرمز لم تكن مجدْولة، وذلك رداً على مناورات معلنة سلفاً تقوم بها 41 دولة بإشراف وقيادة القيادة المركزية الأميركية الوسطى في الخليج العربي وذلك لإرسال رسالة واضحة لإيران برفض السماح لها بإغلاق مضيق هرمز كما تهدد على الدوام في رفع لمؤشر الردع حتى لا تتعرض لعمل عسكري يستهدف منشآتها النووية. وتشارك في هذه المناورات التي هي الأكبر في تاريخ المنطقة 41 دولة و18 سفينة وغواصة بينها "يو. أس. أس. بونس"، وتستمر حتى نهاية مايو الجاري. وهي المناورات الثانية بهذا الحجم خلال الثمانية أشهر الماضية، في رسالة واضحة من المجتمع الدولي برفض الاستفزازات الإيرانية، وخاصة حول التهديد المتكرر بإغلاق مضيق هرمز وعرقلة حرية الملاحة في المياه الدولية، المكفولة حسب القانون الدولي. وتشمل المناورات عمليات حماية المرافئ وزراعة ونزع الألغام بكاسحات الألغام وحماية المنشآت وضمان حرية الملاحة في المياه الإقليمية وحماية الأهداف الحساسة، حيث تسعى واشنطن لطمأنة حلفائها على التزامها بأمن المنطقة. وقد ردت إيران بإجراء مناورات أخرى في رسالة رد وتحدٍّ. وكانت إيران أجرت مناورات ولاية 91 ومناورات "الرسول الأعظم" خلال الأشهر الماضية رداً على المناورات الدولية في مياه الخليج العربي.
وفي المجمل، تبدو إيران هي من يجب عليه إعادة حساباته وهي التي تتعرض لعقوبات خانقة، ويعاني حلفاؤها لحظات حرجة، وخاصة الحليف السوري الذي ينازع للبقاء. وكل ذلك يدل على حالة القلق والحرب الباردة وغياب الثقة بين الطرفين الإقليميين، ما يجعل المنطقة تعيش على شفا مواجهات وتحدٍّ واحتقان. إن على إيران أن تراجع مواقفها وسياستها الخارجية المستفزة، التي لا تجلب لها سوى المزيد من الخصوم والعداوة، إلى درجة أن مستشار المرشد، علي ولايتي، اعترف بأن "سياسة إيران الخارجية سيئة للغاية".. فهل تعيد إيران حساباتها؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق