بحث في هذا الموقع ابــو حـــــمــزه الأحـــــــــــواز​ي

الجمعة، 1 مارس 2013

الثورة السورية و المصير المجهول بقلم: ابراهيم مهدي الفاخر

دمشق – العرب الآن : في بدايات الستينيات من القرن المنصرم انطلقت شرارة ثورة في إحدى البلدان العربية و استمرت هذه الثورة حوالي عشرة أعوام حتى أصبحت من أطول الثورات العربية عمرا. قيل كانت أسباب الثورة، التخلف و الظروف الاقتصادية الرديئة و النفوذ البريطاني و المد القومي آنذاك، أدت إلى شعور المواطن بالحاجة إلى التغيير و بناء دولة جديدة. دعمت الدول العربية و بالأخص ذات الثقل السياسي الثورة و قدمت المال و السلاح و التدريب و المأوى للثوار. و على نقيض الثورة دعمت كل من ايران و بريطانيا النظام الحاكم و وقفت معه في وجه الثورة. و استمر العرب في دعمهم للثورة على نقيض ايران و دعمها للنظام، حوالي عشرة أعوام إلى أن انتهت بتخلي العرب عن الثورة و فشلها و استمرارية الدعم الإيراني و استمرارية النظام إلى الوقت الحالي.

كأنما التاريخ يعيد نفسه من جديد حتى و إن تغير اللاعبون و اختلفت الظروف.
اليوم تُعد الثورة السورية و بعد مرور سنتين من حدوثها، من أطول الثورات العربية عمرا مقارنة بين ثورات الربيع العربي و مازالت لم تحقق أهدافها الأولية. دعمتالدول العربية وبعض الدول الأجنبية الثورةو ساندتها، رغم ضعف هذا الدعم و المساعدات.و فيالجهةالمضادة للثورة السورية، دعمت كل من ايران و روسيا و الصين، الأسد و نظامه و قدمت له كل ما يحتاجه و يلزمه.
يختلف الدعم الذي تتلقاه الثورة عن الدعم الذي يتلقاه الأسد و نظامه، كما و نوعا. الدول العربية تدعم الثورة إعلاميا و سياسيا و اقتصاديا و قيل تم دعم الثورة ببعض الأسلحة الخفيفة و المتوسطة، و لكن مازال الدعم بمجمله لم يرتق للمستوى الذي يسقط النظام أو على أقل تقدير يحقق توازنا بين قوات الثوار و قوات الأسد. أما الدعم الذي يقدمه الحلف المساند للأسد يفوق الدعم العربي و (الدولي) للثورة السورية عشرات الأضعاف. هذا الحلف يدعم سياسيا و دبلوماسيا بشكل كبير لا يمكن مقارنته بالدعم المُقدم للثورة. يمنع هذا الحلف إصدار أي قرار في مجلس الأمن طالمالم يحقق مصالحه. و يتدخل في كل مبادرة أو خطة لتحقيق السلام في سوريا و يحوّرها لصالحه و صالح النظام بدون الأخذ بعين الاعتبار المجازر بحق الشعب السوري و تدمير البنية التحتية للبلاد و تمزيق اللحمة الاجتماعية.و في نفس الوقت يدعم عسكريا أيضا من خلال تقديمهصواريخ و أنواع أخرى من الأسلحة الثقيلة و أجهزة مراقبة الكترونية و خبراء و مستشارين و جنود و ميليشيات. و دعمه لم يقف عند هذا الحد و انما سخاؤه اتضح اكثر من خلال الدعم المالي، حتى و إن لم يوقف تدهور العملة السورية. اما إعلاميا فالماكينة الإعلاميةالإيرانية تشتغل ليلا نهارا بتزوير الحقائق على الأرض و تقديمها بالمقلوب.
تشير الدلائل و البراهين على أرض الواقع أن الثورة ماضية بأهدافها و مطالبها و على رأسها اسقاط النظام،رغم تدمير البنية التحتية للدولة السورية و رغم وضع اللبنات الأساسية للهوية الطائفية و التقسيمات الافقية.و أيضا تبين الدلائل و البراهين عن عدم وجود مؤشرات إيجابية لارتفاع وتيرة الدعم العربي لا كما و لا كيفا.كما إن الدعم العربي مازال في المستوى الضعيف الذي لا يمكّن الثورة السورية من اسقاط النظام الهمجي و الدموي، و في نفس الوقت غير مضمونفي المستقبل. و تشير الأحداث و الوقائع على الأرض أن الدعم الإيراني الروسي الصيني مستمرعلى نفس النمط بل إمكانية تصاعد وتيرته موجودة. 
تواجه الثورة السورية مجموعة تحديات في ظل الدعمالعربيغيرالمضمونوالمتقلب.حيث إنها تؤثر على مستقبل الثورة و مستقبل سوريا، شعبا و دولة.
1 - في حال طال أمد الثورة و أستمرت أكثر في منحاهاالدموي،تكون أهداف الثورة و مطالبها الجوهرية أي (الحرية و الديمقراطية و المشاركة السياسية و التداول السلمي للسلطة و إعادة الكرامة المنتهكة و الرفاه الاقتصادي) معرضة للتغيير و التبديل إلى أهداف و مطالب أهمهاإعادة الأمن و الاستقرار.
2 -استمرارية الثورة السورية غير مضمونة في ظل القمعالمتواصل و القتل الممنهج و الدعم الذي يقدمه هذا الحلف المجرم للأسد و نظامه.
3 – من الصعب حماية الثورةبدون أن يلتف عليها هذا النظام المجرم و يعيد انتاجه من جديد أو يضمن لنفسه موطئ قدم في السلطة و القرار السياسي في المستقبل.
4 –التفكك في البناء الاجتماعي السوري و نمو التقسيمات الافقية و الهوية الطائفية على حساب الهوية الوطنية.
الثورة السورية في ظل هذه التحديات تواجه مصيرا مجهولا، ممايخيف كل انسان حريص على ثورة و مستقبل الشعب السوري. حيث كلما طال أمد الثورة كلما برزت أكثر هذه التحديات إلى السطح و حرفت مسار الثورة من طريقها الأساسي و من أهدافها الجوهرية. لذلك العرب اليوم مطالبون أن يقفوا بحزم الى جانب الثورة و الانحياز للشعب السوري في وجه النظام و في وجه ايران و مشروعها الخبيث في المنطقة، حتى لا تفشل الثورة و تصبح في خبر كان.


إبراهيم مهدي الفاخر  haddad1946@live.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق