بحث في هذا الموقع ابــو حـــــمــزه الأحـــــــــــواز​ي

الخميس، 9 أغسطس 2012

تكثيف إيران تحرّكها الإقليمي دليل يأس من إنقاذ الأسد بقلم:ربى كبّارة

كثّفت إيران تحركاتها الاقليمية في اتجاهات عدة مستبقة بذلك انهيار نظام بشار الاسد سعياً الى تسويق صفقة تؤمن مصالح ملفها النووي وموقع حليفها الاخير "حزب الله"، رغم أن الهدف المعلن لهذه التحركات هو التمسك بدعم النظام المتهالك باعتباره "الضلع الاساسي" في محور مقاومة اسرائيل او بذل المساعي لتأمين الإفراج عن 48 من مواطنيها وقعوا في يد الثوار.
صحيح أن المضمون الحقيقي للرسائل التي حملها وزير الخارجية علي اكبر صالحي الى أنقرة رغم توتر العلاقات بين البلدين، أو تلك التي حملها أمين المجلس الأعلى القوميّ سعيد جليلي الى بيروت ودمشق وبغداد، لم يتضح علنا، لكنه بالتأكيد ليس حلاً ما للأزمة السورية. فإيران جزء من المشكلة السورية وفق سياسي لبناني تابع كواليس لقاءات المبعوث الإيراني في العاصمة اللبنانية، خصوصا ان مسار الأزمة بات مقتصرا على نتائج العمليات الميدانية التي تتمحور حاليا حول حلب بعد اخفاق المراقبين الدوليين واستقالة المبعوث الاممي-العربي كوفي انان.
فطهران المحاصرة بعقوبات دولية مؤلمة وبالتطورات السورية الموجعة تستضيف اليوم على ارضها مؤتمرا تشاوريا حول سوريا، وأمامها في الاسابيع المقبلة استحقاقات منها "المؤتمر الاستثنائي للتضامن الاسلامي" في مكة، الذي سينكب على احداث سوريا والجولة المقبلة للمفاوضات الدولية على ملفها النووي بعد ثلاث جولات فاشلة: الاولى في نيسان في اسطنبول والثانية في بغداد في ايار والثالثة في موسكو في حزيران. ففشل الجولة المقبلة قد يفتح الباب امام اسرائيل لتسديد ضربة عسكرية في خضم حاجة المتنافسين على رئاسة الولايات المتحدة للوبي اليهودي في الانتخابات التي ستجري بعد أقل من أربعة اشهر.
ويرى المصدر أن يأس ايران من مصير بشار الاسد دفعها الى استعجال عرض تخليها عنه ، وكذلك عن رئيس حكومة العراق نوري المالكي، مقابل التوصل الى حلّ مع الغرب في مفاوضات النووي وتعهد بتحول حليفها "حزب الله" الى الامساك فعليا بمفاصل السلطة السياسية مقابل التخلّي عن سلاحه، متوقعا فشل الصفقة التي سترفضها تركيا وغالبية الدول العربية كما الولايات المتحدة والدول الاوروبية.
ويخشى المصدر ان تلجأ إيران في هذه الحال الى مغامرة خطيرة: تفتح عبر "حزب الله" جبهة الجنوب مع اسرائيل رغم مخاوف الشيعة من النتائج الاقتصادية الكارثية خصوصا على هذه المنطقة التي انتقلت اليها مؤخرا استثمارات كبيرة من افريقيا او دول خليجية. ويقول قد يدفع ذلك "حزب الله" الى التردد في افتعال مواجهة مباشرة مع الدولة العبرية لكن الامر لن يكون بيد امينه العام حسن نصر الله اذا ما تلقى تكليفا شرعيا من وليّه الفقيه، مذكرا بفشل استدراج اسرائيل مرتين الى مواجهة: في بلغاريا عبر قتل سياح اسرائيليين وفي رفح عند الحدود بين سيناء وغزة.
فبإشعال جبهة جنوب لبنان تستبق إيران احتمال تعرضها لضربة عسكرية وتستغل مدى اهتمام الولايات المتحدة والغرب بأمن اسرائيل، وقد تطيل عمر النظام السوري على حساب دماء الشعب في حرب باتت مفتوحة على كل الاحتمالات، خصوصا بعد خسارته أرفع غطاء سنيّ مدنيّ بحيث لم يستبعد العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني ان يسعى الاسد الى إقامة منطقة لطائفته العلوية إن لم يتمكن من السيطرة على البلاد بأكملها.
فقد شكل انشقاق رئيس الحكومة رياض حجاب ضربة معنوية قاصمة. فبعد انشقاق الجنود وكبار الضباط وديبلوماسيين وصل الامر الى رئاسة الحكومة بعد شهرين فقط من التعيين اثر تعديلات دستورية شكلية هدفها إضفاء طابع الاصلاح على النظام علّه ينال مجددا شرعية داخلية وعربية وربما دولية.
وبما يدل على قوة هذه الضربة التي تلقاها النظام، خصوصا انها تفتح الباب على تخلّي شخصيات اخرى عن الاسد متى تمكنت من تأمين عائلاتها الى خارج الحدود، انه لم يصدر حتى الآن اي تعليق عليها لا من قبل طهران ولا من قبل موسكو التي حمت النظام من الادانة والعقوبات في مجلس الامن الدولي عبر استخدامها حق النقض ثلاث مرات. وفي ذلك دليل على مدى خطورة هذا الانشقاق خصوصا ان موسكو ما فتئت منذ اكثر من عام تغطي انحيازها للنظام بمقولة انها تدعم الدولة لا الرئيس بشار شخصيا.
ورغم استمرار المواجهات في معظم المناطق السورية وفي أحياء دمشق بعد استعادتها من يد عناصر "الجيش السوري الحر" تركز القوات النظامية حاليا مساعيها لمحاولة استرداد العاصمة الاقتصادية حلب خشية تحولها في نهاية اطول ثورات الربيع العربي الى "منطقة آمنة" متصلة بالحدود مع تركيا، تشكل منطلقا للمرحلة الانتقالية، وتسهل اي تدخل خارجي هدفه حماية المدنيين. فمصير حلب سيحدد المسار: اذا استعادها النظام يمدّ بعمره واذا احتفظت بها المعارضة تكون قد حققت محطة مفصلية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق