بحث في هذا الموقع ابــو حـــــمــزه الأحـــــــــــواز​ي

الاثنين، 4 أغسطس 2014

وجهة نظر في مشروع "الوحدة الوطنية" بقلم:طالب المذخور

إن الوعي الوطني والخطاب السياسي يعبران عن طبيعة الفكر السياسي لنخبة أي شعب
من شعوب العالم ومن الطبيعي أن يختلف الفكر السياسي بين فترة واخرى تبعا لإختلاف مستوى الوعي والخطاب لدى النخبة، فأمم تتقدم وتتخلف أمم أخرى نتيجة عدم مراعاة المصلحة الوطنية العامة، والتي تؤطر غالبا تحت عنوان الأمن الوطني أو الأمن القومي للأوطان والشعوب، والذي يهدف بالدرجة الاساس الحفاظ على وحدة أبناء المجتمع والمرتبطة أرتباطا عضويا مع المصلحة العامة للشعوب والأمم .
فوحدة أبناء الشعب من أهم الثوابت الوطنية بإعتبار أن كل ما تلاها هو حاصل تحصيل هذه الوحدة الوطنية، وبدونها لايمكن الحديث عن ثوابت أخرى إلا لجلد الذات ربما. فمفهوم الوطن ووحدة ترابه مرتبط مع ترابط أبناء الشعب، وتفتت الشعب في أي بلد كان، يعني تقسيم البلاد، فالوحدة الوطنية إذن هي الأساس الثابت لتشكيل الاوطان .
وهذه رؤية عامة تنطبق على كل شعوب الأرض، إما بالنسبة للقضية الأحوازية وبإعتبار أنها قضية إحتلال إجنبي جاثم على الأرض وعلى صدور أبناء الشعب تعتبر الوحدة الوطنية مسألة مصيرية وبأن نكون أو لا نكون ولا يمكن أن نطرق باب الحرية دون أن نحقق الوحدة الوطنية أولا .
وأعتقد أن أي تفسير آخر يصب بعدم ضرورة الوحدة قد ينم عن قصور في الوعي السياسي لا يخوَل الإنسان البت والخوض في قضايا مصيرية تتعلق بمستقبل شعب وأمة .
وبإعتبار إننا نسعى لإستعادة الدولة الأحوازية المحتلة فالمنطق يدفعنا بإتجاه إثبات وجود دولة أحوازية ترزح تحت ظل إحتلال أجنبي، فإستنطاق كتب التأريخ ليس دليلا ماديا ملموسا على حق الشعب العربي الاحوازي بإستعادة دولته إنما الدليل هو مدى قدرة هذا الشعب في إستحضار التأريخ لتشكيل مطلب قانوني ودستوري يحترم من قبل المجتمع الدولي، فكثيرا ما أندثرت دول كانت قائمة على مر التاريخ وبرزت دول لم تكن شيئا مذكورا .
إن هذه الحاجة المُلحة تعبر بالضرورة عن مدى إدراك الوعي السياسي الاحوازي في هذه المرحلة لآليات المرحلة القادمة من الصراع ضد العدو الفارسي الغاصب للدولة الأحوازية. ونحن اليوم شعب محتل بدون دولة مفترضة أو غير مفترضة، كانت أو كائنة، وإن التمسك بتلابيب الماضي هو تعبير عن مدى العجز في وسيلة أستحضاره، وإننا نخلط كثيرا بين الوعي الوطني والوعي السياسي، فليس كل أحوازي وطني قادر على إستيعاب ضرورات المرحلة وفي الوقت الذي قد يؤدي فيه الوعي الوطني لخلق الثورة فأنه من غير الممكن يؤدي إلى صناعة الدولة بل أن كل الحقائق تؤكد أنه يؤدي إلى الفوضى والتقسيم، وإن الوعي السياسي هو مرحلة سابقة للوعي الوطني وهو القادر على تحقيق مشروع الدولة عندما يتحرك الوعي الوطني لإشعال الثورة. بمعنى أن الأولية تكون دائما للوعي السياسي القادر على قرائة المستقبل من خلال معطيات الحاضر وتجارب الشعوب الأخرى .
ومن خلال التجربة الثمينة لمنظمة ( حزم ) المنظمة الوطنية لتحرير الأحواز أدركتُ وبشكل شخصي إن مفهوم الوحدة الوطنية مُختلف عليه شكلا ومضمونا، ووجدت ضرورة ماسة لكي نؤرخ لهذه المرحلة المفصلية من التأريخ السياسي للقضية الأحوازية لتوضيح مدى الإشكالية التي يواجهها الفكر السياسي الأحوازي .
سؤال:هل أن الوعي السياسي الأحوازي في هذه المرحلة بصورة عامة هو وعي ضامن لحق المواطنة أم وعي سياسي إستبدادي ؟ .
وللإجابة على هذا السؤال من وجهة نظري، أطرح وجهتي نظر مختلفتين في مضمون الوحدة الوطنية، الأولى هي وحدة وطنية مبنية على أساس الثقة المتبادلة غير القابلة للحوار والإختلاف، والثانية هي وحدة وطنية مبنية على أساس المسؤولية الأخلاقية والوطنية  وتنظيم العلاقات بين الاطراف عن طريق الدستور والقوانين وتسود فيها حرية المبدأ والعقيدة والرأي.
أو بمعنى آخر وحدة وطنية مبنية على أساس الحزب الواحد الأوحد ( الإستبداد ) ووحدة وطنية مبنية على أساس المصلحة العامة ( الأمن القومي ). ويبدو لي أن كل أحوازي يريد مشروع وحدة مفصل على قياسه الشخصي أو الحزبي .
وكل تجارب الشعوب التي أستندت إلى نظرية الحزب الحاكم أثبتت أنها تجارب فاشلة، وإن الوحدة الوطنية في ظل نظام إستبدادي هي وحدة هشة سرعان ما ينهار فيها الوطن ويتقسم حينما تنهار القبضة الأمنية . وفي حالة الإحتلال فإن أي ثورة مبنية على أساس الإستبداد الوطني تؤدي إلى تقسيم البلاد .
إن الإختلاف بين بني البشر أمر طبيعي وفطري جُبل عليه الإنسان، ولقد واجهت كل شعوب الأرض هذه الحقيقة، فمنهم من نجح في تجاوزها ومنهم من فشل وتقسمت البلاد آخر المطاف. إن الصياغة المنطقية والواقعية للعقل البشري أدت إلى صياغة مشاريع وحدة وطنية جامعة وليست مشتتة أثمرت إلى تطور المجتمعات واستقرار أمنها ومصالحها ولانريد أن نبدو نحن الأحوازيين أمام العالم وكأننا نعاني من نقص في تطور بنيتنا الفكرية السياسية وإننا مازلنا نعيش في إزمان غابرة .
وأرى إننا اليوم كأحوازيين في وضع محرج للغاية، فإما أن نكون شخوص دولة يستحرضهم التاريخ أو شخوص لعنة يستحضرهم التاريخ أيضا ( رجالا ونساء )، فصراعنا اليوم لإسترجاع دولتنا الاحوازية في ظل مجتمع دولي أرتبطت قراراته بمصالح شعوبه هو صراع سياسي بإمتياز وليس صراع عسكري نتائجه محسومة سلفا، وإن المقاومة الوطنية الباسلة  لها الصدارة دائما ودورها مرتبط بمدى ما تستطيع أن تقدمه للمشروع السياسي الوطني من معطيات جديدة تدفع بإتجاه تدويل القضية الأحوازية، ومسألة التدويل مرتبطة أيضا بالفكر السياسي الذي يهيء لأرضيَة الدولة ذاتها .
وإني على ثقة تامة أن تجربة منظمة حزم هي تجربة واعدة ورائدة في الفكر السياسي الأحوازي وإنها جاءت لتواجه تحديات كثيرة وصعبة نتيجة الموروث الثقافي الأحوازي، فإن خطر ببال أحد الأحوازيين أن الوحدة الوطنية هي عبارة عن مدينة أفلاطون الفاضلة، فهو إنسان غير واقعي وقد يحمل في طيات نفسه نزعات أستبدادية تجاه الآخرين، وهذه حالة لا تقل خطورة عن حالة الإحتلال لأن فيها إقلال وأحتقار لقيمة الإنسان المعنوية والمادية وكأنها تقسم المواطنين إلى درجات أولى وثانية وثالثة وهكذا..
فإن أفترضنا بأن هناك إيمان قاطع بضرورة الوحدة الوطنية، فعلينا أن نقدم نموذج حضاري للوحدة الوطنية، يأخذ بعين الإعتبار تجارب الشعوب التي سبقتنا في مجال بناء الدولة، ونحن لا يجب أن نبحث عن وحدة نرجسية خيالية وغير واقعية لا تستطيع الصمود ومواجهة التحديات ولن تستطيع إستعادة قرية أحوازية فما بالكم بالدولة .
نحن اليوم بحاجة ماسة لتحقيق مفهوم الشعب ماديا ومعنويا على كل الصعد، ولن يتحقق هذا المفهوم أبدا بدون مرجعية سياسية، ومن هذه النقطة تحديدا نؤرخ للمستقبل من حيث نقبل بالآخرين كما هم وليس كما نريد أن يكونوا مادام الجميع يقف على قاعدة صلبة مبنية على ترسيخ الثوابت الوطنية.
قبل عدة سنوات كنا نتحدث عن الثورة الاحوازية واليوم نتحدث عن الدولة الاحوازية وهذا التطور الفكري السياسي له ما يبرره !!!!.
فنحن نتحدث اليوم عن أسس بناء دولة أحوازية في المنفى تقبل الإختلاف في الرأي والعقيدة، ونرى أن حزم حق لكل أحوازي مؤمن بالثوابت الوطنية وعلى رأسها وحدة أبناء الشعب في الحقوق والواجبات دون تمييز مهما كان المبرر، ومن يعتقد أن منظمة حزم وسيلة لرغبات شخصية أو حزبية ضيقة فهو واهم، فحزم اليوم بحاجة إلى بناة مستقبل وليس معاول تهديم لمفهوم الوحدة الوطنية والتمييز بين أبناء الشعب الواحد، فالتنظيم كبيرا أو صغيرا أو الناشط السياسي كبيرا أو صغيرا هو ليس كل الشعب إنما جزء من الشعب إلا إذا كان يحلم .
نحن شاهدنا ونشاهد كم عدد الضحايا الذين يسقطون من ابناء الشعوب العربية للتخلص من الإستبداد والدكتاتورية، ولن نسمح بأي مدخل من مداخل الإستبداد في حزم، فلسنا في صدد التخلص من الاحتلال وتقديم الضحايا والشهداء لصناعة إحتلال أحوازي أحوازي .
وهذا هو الهدف الأساسي لمنظمة ( حزم ) والذي أسيء فهمه حين تشكلت المنظمة وهي في حقيقتها تسعى لبناء مشروع دولة لا تقبل المحاصصة ولا المناوبة لأنها مشاريع خطيرة نتائجها تؤدي حتما إلى التقسيم أو إنشاء دول هشة مبنيّة على أسس طائفية أو عقدية أو عشائرية أو مناطقية ..
وإني أدعو كل أخوتي الأحوازيين واخواتي سواء على مستوى الأفراد أو التنظيمات على مراجعة دورهم الطليعي في تأسيس الدولة الاحوازية والأنخراط في منظمة حزم للقيام بهذا الواجب الإنساني والوطني والتأريخي وإن دور الشخص الفاعل لا يقل أهمية عن دور التنظيمات إلا بمقدار ما يمكن تقديمه للمشروع الحُلم والمستقبل وهو دولة أحوازية عربية مستقلة. فالتنظيم أو الأشخاص هي ظواهر عابرة تمر على التاريخ إما الوطن والإجيال فهي الباقية إلى أن يشاء الله. وأختمها بقول الله عز وجلّ
وقل أعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ( صدق الله العظيم ).
وللحديث بقية .......

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق