بحث في هذا الموقع ابــو حـــــمــزه الأحـــــــــــواز​ي

الثلاثاء، 29 يوليو 2014

إيران.. الملالي ’’النووي‘‘ والعقوبات الدولية!بقلم:غسان المفلح

منذ مجيئ آية الله الخميني للسلطة عام 1979 وإيران دخلت في مجال ما يمكننا تسميته"
سياسة العصا والجزرة" هذا الحقل من السياسة الدولية بزعامة امريكا واوروبا تاليا، تجعل ليس ايران وحسب بل أي بلد في هذا العالم، في قبضة منع التنمية المستدامة. هذا المنع يؤدي إلى قيام حالة التنمية بلا تراكم بحيث لا تنعكس ايجابا على معيشة المواطن الايراني داخليا، ولا تحسن موقع إيران في النظام الدولي خارجيا خاصة على المستوى الاقتصادي.
حيث يمكننا القول أن اموال النفط والغاز الايراني، اصبحت لسد الاحتياجات الداخلية جراء العقوبات*، دون أن تدخل في حيز القاعدة الاستثمارية، فتصبح عائدات نفطية تستخدم للاستهلاك وليس للانتاج. كما أن الاقتصاد الإيراني قد ضعف بشكل كبير (الفساد و سوء الإدارة هي مشاكل متوطنة أيضاً) جراء هذه العقوبات. التوجه لعسكرة إيران داخليا وخارجيا، ليس فقط رغبة من الولي الفقيه ومشروعه التوسعي، المبني على ثقافة طائفية تحشد شعب إيران، والشيعة في العالم خلفه. بل هذه العسكرة هي نتاج العقوبات الغربية التي تصاعدت خلال ثلاث عقود ونيف على إيران.
يتحدث بعضنا عن قوة إيران مقارنة بماذا؟ مقارنة ببعض الدول العربية. لكن الامر يبدو بخلاف ذلك استراتيجيا على الأقل غربيا. ما تم هو منع إيران من بناء بنية تنموية متوازنة، ذات ربحية على مستوى الانسان الايراني وعلى مستوى الدولة. حيث انشغلت الدولة بحروب الولي الفقيه، سواء من أجل تصدير الثورة، أو القيام باعمال لابتزاز العالم وخاصة الغرب من خلالها، وهذا احد اسبابه هو هذه العقوبات الدولية والرد عليها.
حيث اللجوء لعسكرة المجتمع الايراني يحتاج لعدو، كان العراق حتى سقط صدام حسين 2003، وتجييش من أجل فلسطين وانشاء منظمة الجهاد الاسلامي ودعم بعض الفصائل كاحمد جبريل، وبعد الثورة السورية وانطلاقها2011 اخذ التجييش طابعا طائفيا مكشوفا لاسترداد ثارات الحسين والدفاع عن مراقد الشيعة في سورية!! لتبرير تدخلها السافر في قتل الشعب السوري، بالشراكة مع نظام الاسد.
ثم محاولة إيران عبر عقدين واكثر من الزمن بناء قاعدة تحالفية، مع التيارات الجهادية وعلى راسها جماعة القاعدة، كاستثمار للضغط على الغرب وابتزازه في بعض المحطات. من نتائج هذه العقوبات أيضا هو ما يمكننا تسميته الحركة السرية للاموال الايرانية، والتي باتت توزع على مسربين:
 الأول- دعم التنظيمات والميلشيات التابعة لها في الخارج وخاصة في لبنان والعراق واليمن وتمويل النظام السوري وميليشياته، واقامة مراكز تبشر بمشروع ولاية الفقيه، لهذا نجد عقوبات الرئيس باراك اوباما الاخيرة في فرض رقابة وعقوبات على المؤسسات المالية التي تتعامل مع حزب الله.
الثاني- السوق السوداء لتبييض المال الايراني وحركته الهاربة من العقوبات الدولية، وما صاحب ذلك من ازدياد عمليات الفساد في هذه السوق السوداء. هذا ما جعل دولا كثيرة تستفيد من حركة المال الايراني واحتياجه لذلك في السوق السوداء، وكأن بعض المال الايراني بفعل العقوبات المالية اصبح كمال المخدرات بحاجة لتبييض. كلنا يتذكر حالة الفساد التي طالت بعض رجالات احمدي نجاد.
نسبة البطالة في إيران بين الشباب بين 20% لدى الذكور و38% لدى الاناث. التضخم وصل إلى أكثر 30%. أمام هذا الاقتصاد الذي رغم العقوبات كانت أمريكا واوروبا تترك له متنفسا كي لاينهار البلد برمته، لكن هذا المتنفس ليس من أجل بناء اقتصاد قوي بل من أجل استهلاك متزايد للمال النفطي. لو راجعنا الارقام والمعطيات لوجدنا أن شعب فقير تقوم سلطته ببناء مشروع نووي!
 ما هو العائد الاقتصادي لهذا السلاح النووي حتى لو امتلكته إيران، ولماذا ايران تريد سلاحا نوويا؟ لأنها غير قادرة على استخدامه، هذا يذكرنا بالفارق بين فقر الشعب وقوة العسكر واسلحته في كوريا الشمالية الحليف القوى لنظام الملالي، وبين قوة الاقتصاد في كوريا الجنوبية التي جيشها لا يقارن بقوة جيش الاولى.
ما يسمى التيار المعتدل داخل سلطة مشروع الفقيه، يدركون عمق الاشكالات التي احدثتها العقوبات في الاقتصاد الايراني والمجتمع الايراني، احتجاجات2009 كانت مثالا لكن الولي الفقيه كأي نظام ديكتاتوري لايرى سوى نفسه ومشروعه. لهذا يحاول هذا التيار ان يكون الآن واجهة ايران بالتفاوض مع الغرب عموما وامريكا خاصة.
لكن الغرب يدرك أن السلطة في النهاية هي في يد مؤسسة الولي الفقيه، صحيح ان دولا كروسيا والصين وتركيا استفادت من العقوبات على إيران، لكن بالمقابل وصل الاقتصاد الايراني إلى مشاكل بنيوية لا يمكن حلها إلا برفع العقوبات الغربية.. السؤال من أجل ماذا سيرفع الغرب عقوباته عن إيران قبل أن يحقق ما يريد؟
*هامش
بدأت سياسة الحصار والمقاطعة الأميركية للنفط الإيراني منذ احتلال السفارة الأميركية في طهران عام 1979، ثم فرض حصار جديد بعد الهجوم على مقر المارينز في بيروت عام 1984، فأضيفت إيران إلى قائمة الدول التي تساند الإرهاب. وشمل الحصاران تجميد كل الموجودات والأملاك الإيرانية في الخارج، ومنع المساعدات الاقتصادية الأميركية إلى إيران، ومنع إيران استيراد المواد ذات الاستعمال المزدوج المدني والعسكري.
وشددت الولايات المتحدة العقوبات على إيران في 1992 فقررت معاقبة من يساعد طهران من أشخاص وشركات في تطوير برنامجها التسلحي. ومنع الرئيس بيل كلينتون في 1995 منعاً باتاً التجارة والاستثمار في إيران. وفي 2013، شدد الرئيس باراك أوباما العقوبات على قطاعين صناعيين مهمين: السيارات والبتروكيماويات. حيث اصبح أكثر من 130 ألف عامل بلاعمل.
صُنِّف الاقتصاد الإيرانيّ في سنة 2010 ثالثَ أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط، والتاسع والعشرين في العالم بحجم 337.9 مليار دولار. فقد شكَّل النفط والغاز 80% من الصادرات الإيرانيّة التي جلبت 60% من دخل الدولة. ويتميّز الاقتصاد الإيرانيّ بإمكانات طبيعيّة وثروات ضخمة من الموادّ الأوّلية، فهناك ما يقارب 20% من الأراضي الصّالحة للزّراعة في إيران. وتمتلك إيران 10% من احتياطيّ النفط المؤكّد في العالم، و15% من الاحتياطيّ العالميّ من الغاز الطبيعيّ.
لكن هل يستطيع الاقتصاد الإيرانيّ الاستفادة من كلّ طاقاته الذاتيّة لمواجهة حصارٍ اقتصاديّ وماليّ خانق وشبه دوليّ؟ فالأرقام المتوفّرة حتّى الآن تتحدّث عن فقدان إيران ما يقارب 40% من صادراتها النفطيّة، بينما قدّر صندوق النقد الدوليّ تراجع إجماليّ الناتج الداخليّ الإيرانيّ سنة 2012 بنسبة 0.9%، وارتفاع البطالة بنسبة 25% بين سنتَي 2011 و2012. وعلى المستوى الصناعيّ، تراجع إنتاج صناعة السيّارات بنسبة42%، بعد انسحاب شركة "بيجو" الفرنسيّة من السوق الإيرانيّة.
واضطرّ الإيرانيّون إلى رفع حجم وارداتهم من الولايات المتّحدة الأميركيّة سنة 2012 بنسبة 30% مقارنةً بسنة 2011، بقيمة 199.5 مليون دولار، فقد مثّلت صادرات الحبوب الأميركيّة إلى إيران ما قيمته 89.2 مليون دولار. وكان الاتحاد الأوروبي يستورد 23 في المئة من ذلك النفط. المركز العربي للدراسات السياسية ومراجع اخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق