بحث في هذا الموقع ابــو حـــــمــزه الأحـــــــــــواز​ي

الخميس، 2 أكتوبر 2014

تفاصيل جانبية عن الصراع العربي الفارسي بقلم: ريم بن رجب

يتجلّى الصراع العربي- الفارسيّ في محاولة الإيرانيّين التدخّل في شؤون عدد من الدول
العربيّة ولاسيّما ما أفرزه من توتّر في العلاقات الإيرانيّة-العراقيّة على سبيل الذكر، توتّر ازداد مع حادثة المستنصريّة الشهيرة.
يعدّ الصراع العربي- الفارسيّ شبيها في بعض تفاصيله ومعطياته وأهدافه التوسعيّة للصراع العربيّ- الصهيونيّ، فالعداء الفارسي للعرب -كما العداء الصهيونيّ- موجّه أساسا نحو ضرب القومية العربية بشتّى الطرق والوسائل. ولعلّ الممارسات التعسفيّة والانتهاكات المتواصلة لحقوق المواطن العربيّ على مرّ سنوات متعاقبة في الأراضي العربيّة التي تحتلّها إيران، تُبيّن لنا بشكل واضح شدّة هذا العداء الفارسي ذي النزعة المتطرّفة ضدّ كلّ ما هو عربيّ، باعتباره استمرارا لصراع شعبين ينتميان تاريخيّا لحضارتين مختلفتين.
العلاقات بين الدول لا تخضع دائما لمنطق الوفاق السياسيّ ولا تبدو في أحيان كثيرة في حالة تجانس وتفاهم، فعوامل واعتبارات عدّة يمكن أن تتحكّم باستمرارية الصراع من عدمه، وعليه فإنّنا يمكن أن نُجمل الصراع العربيّ-الفارسيّ في أبعاد مركّبة متشعّبة تتمظهر أساسا في البعد التاريخيّ والبعد الدينيّ المذهبيّ والبعد السياسيّ.
كان الفرس منذ القدم ومازالوا يتّهمون العرب بالتدمير التدريجي لدولة الساسانيّين وزوال قوّتها العسكريّة، وفي المقابل يحمّل العرب الفرس مسؤوليّة تحطيم الحضارة السامية وبعض الكيانات العربيّة وذلك باحتلال مدينة بابل الآشورية سنة 539 قبل الميلاد، وقد تنامى العداء العربي الفارسي في بعده الدينيّ مع بداية الغزوات الإسلاميّة ومحاولة المسلمين فرض دينهم على الفرس الذّين يعتقدون أنّ هذه الغزوات أقصت الديانة الزردشتيّة الفارسية.
وعند احتلال الصفويّين الأتراك للأراضي الفارسية وقيامهم بفرض مذهبهم الجعفريّ الشيعيّ بالقوّة والإكراه صار هذا المذهب المختلف في قراءاته الدّينيّة وطرائق عباداته عن المذاهب السنيّة جزءا هامّا من القوميّة الفارسيّة. وليس بخافٍ على العارفين ما بذلته جمهوريّة إيران الإسلاميّة من جهد ومال لنشر المذهب الشيعيّ في نطاق ما يُعرف بـ”تصدير الثورة الإيرانيّة” وإحداث صراع مذهبيّ في الدول العربية ذات الأغلبية السنية. وقد تجلّى الصراع العربيّ- الفارسيّ ببعده المذهبي الطائفي في قيام السلطات الإيرانيّة بتأسيس أحزاب أو حركات سياسيّة دينيّة على منوالها لاختراق كامل الأقطار العربيّة مثل امتداد تأثير حزب الدعوة الإيراني في عدد من الدول العربيّة كالعراق والبحرين (جمعية الوفاق الوطني) ولبنان (حزب الله وحركة أمل) واليمن (حركة الحوثيّين بجبال صعدة).
أمّا على المستوى السياسيّ فيتجلّى الصراع العربي- الفارسيّ في محاولة الإيرانيّين التدخّل في شؤون عدد من الدول العربيّة ولاسيّما ما أفرزه من توتّر في العلاقات الإيرانيّة-العراقيّة على سبيل الذكر، توتّر ازداد مع حادثة المستنصريّة الشهيرة سنة 1980 عندما قام طالب إيرانيّ ينتمي إلى حزب “الدعوة” برمي قنبلة وسط ساحة جامعة المستنصريّة بالعراق. وكان الرّئيس الراحل صدّام حسين على إثر ذلك قد توجّه بخطاب حادّ شبّه فيه الإيرانيّين بـ“الأقزام” وبأنّ “الدّماء الطاهرة التي سالت في الجامعة لن تذهب سدى”. وعند وصول الخميني، بعد نجاح ثورته الدينية، إلى سدّة الحكم أعلن بالقول والفعل عن عدائه الدّفين للحكومة العراقية المصرّة على المطالبة بالجزر العربيّة الإماراتيّة الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى) التّي ضمّتها عنوة السلطات الإيرانيّة سنة 1971، معتبرة إيّاها جزءا من أراضيها.
ويتجسّد الصراع السياسيّ بين العرب والفرس أيضا في الخلاف بين الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة ودول الخليج حول البحرين، فحكومة الشاه رضا بهلوي طالبت سابقا بالبحرين وأرادت ضمّها نظرا إلى وجود جماعات شيعيّة كبرى هناك. وباحتلال إيران للجزر الإماراتيّة تعكّرت العلاقات الخليجية الإيرانية خاصّة مع أطماع الحكومات الإيرانية في النفط العربيّ، وهو ما كان قبل ذلك بما يزيد عن نصف قرن دافعا جوهريّا لاحتلال إمارة الأحواز العربيّة سنة 1925، وهي قضيّة مهمّة جدّا نظرا إلى كثافة تفاصيلها التاريخيّة ودورها السياسيّ في تحديد نمط الصراع العربي الفارسي.
مارس الفرس على شعب الأحواز كافّة أشكال الاضطهاد القوميّ، فانتهكوا الحرمات وصادروا الحقوق وأعدموا المعارضين وحاولوا طمس هويّة الأحوازيّين العربيّة عبر سياسة التفريس ومنع التكلّم باللغة العربية وإلغائها من كلّ المدارس والجامعات. كما استغلّوا ثروات المنطقة النفطيّة وحرموا المزارعين من أراضيهم واقتطعوا أجزاء من الإقليم ضمّوها إلى بعض المحافظات الإيرانية.
لقد تجاوزت الدولة الفارسيّة كلّ القوانين الدولية باحتلالها للأحواز وإضعاف سيادتها الداخليّة والخارجيّة تدريجيّا إلى أن اجتاح الجيش الفارسيّ إقليم عربستان (الأحواز) عنوة وقام باعتقال أميرها الشيخ خزعل عام 1925 وإعدامه عام 1936، ومن ثمّ إعلان هذا الإقليم العربيّ تابعا لإيران. ورغم المقاومة واستنفاذ أساليب عديدة للنضال لم يستطع الأحوازيّون تحرير أراضيهم كما الحال بالنسبة إلى الفلسطينيّين نظرا إلى ظروف وعوامل عدّة من بينها غياب القضية الأحوازيّة في الإعلام العربي.
نقلا عن ((صحيفة العرب اللندنية))

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق