المستوطن
كلمة تثير الكثير من علامات الاستفهام و تفتح مجالا واسعا للجدل السياسي
في الشارع الأحوازي. هذه الكلمة لها دلالاتها السياسية و معانيها حيث تلقي
بظلالها على القضية الأحوازية و مستقبلها.
كلمة
المستوطن لا تدل فقط على ناس غرباء هاجروا من بلاد مجاورة و استوطنوا بلاد
الأحواز و قطنوها ، و انما هذه الكلمة ترتبط مباشرة بالاحتلال الفارسي و
سياساته الإجرامية في الأحواز و تؤثر سلبا على مسير القضية الأحوازية في
الوقت الراهن و في المستقبل كما أثرت سابقا على سير هذه القضية.
بسبب
حساسية هذه الكلمة و إثارتها للجدل، تحاشى الكثيرون من أصحاب الرؤى
السياسية مناقشتها بتفصل و الدخول في حيثياتها، و في أفضل الأحوال من تطرق
لها فكان تطرقه جزئيا لا يتعدى أكثر من ذكر البديهيات.
يرى
الكثيرون في الوسط السياسي الأحوازي إن الفهم الحقيقي لكلمة المستوطن و
خطرها على القضية الأحوازية يحتاج إلى فهم حقيقي لموضوع الاحتلال و تحديد
عناصره.
مفهوم
الاحتلال يتكون من قسمين: القسم الأول هو الإطار المتكامل المسيطر من
بشر(نظاميين و مدنيين) و مؤسسات و جمعيات و أفكار و معتقدات و ما ينتج عنه
بشكل مباشر و غير مباشر و ما يرتبط به، هذه العناصر التي تتشارك في
الاستيلاء و السيطرة على أراضي الغير و ثرواتهم و على البشر و أفكارهم و
معتقداتهم . اما القسم الثاني هو الشعب الواقع تحت سيطرة الأخر و شعوره
بالمظلومية و احساسه بوجوب تغيير الواقع .
من
خلال تحديدنا لعناصر الاحتلال يمكن لنا اتخاذ الموقف الصحيح من المستوطن و
التعامل معه بعيدا عن التفكير الأحادي و الأهواء الخاصة. و طبقا للتعريف
الفوق للاحتلال فإن المستوطن هو عنصر أساسي من عناصر الاحتلال حيث لا يستمر
الاحتلال لفترة طويلة بدونه و لا يستقيم عمل المقاومة بدون استهدافه.
إن
العنصر البشري(المستوطن) التابع للاحتلال الفارسي له تأثير خطير على
القضية الاحوازية و يمكن لنا التطرق إليه هنا بإيجاز بسبب ضيق المساحة
المتاحة في المقال.
فمن
خلال هذا العنصر يمكن للاحتلال الفارسي تنفيذ عملية تلاقح ثقافي بينه و
بين الشعب الأحوازي أو بمعنى أدق غزو الشعب العربي الأحوازي ثقافيا. و
نتائج هذا التأثير يمكن لمسها عند كثير من فئات الشعب بفقدان الهوية و
الضياع و الاعوجاج الفكري.
كتلة
بشرية ضخمة تنمو و تتسع باستمرار و تزود العدو الفارسي بالطاقات الأمنية و
العسكرية و السياسية و الاقتصادية و الثقافية. فمن خلال هذه الكتلة
المستوطنة في الأحواز استطاع العدو الفارسي أن يوفر عناصر الأمن و
المخابرات و الشرطة و العسكر و أساتذة الجامعات و المعاهد و التجار و اصحاب
المشاريع ..
المستوطن
يعتبر قنبلة موقوتة رهن إشارة الدولة الفارسية يتم استخدامها في الوقت
التي تراه مناسبا لها و لمصالحها، فهذا العنصر البشري له وزنه و ثقله على
كافة المستويات في الوقت الراهن و المستقبل يجب أخذه في الحسبان . لذلك
التعامل الأحوازي مع هذا العنصر إيجابا كان أو سلبا له تبعاته السياسية و
الأمنية و الثقافية و الاقتصادية على مستوى القضية الأحوازية حاضرا و
مستقبلا.
إن المستوطن غدة سرطانية تنتشر في الجسم الأحوازي حيث لا يمكن علاجها إلا بعملية جراحية و استئصالها.
بعد
فترة طويلة من عمر الاحتلال الفارسي مازالت النخبة و الطبقة السياسية لم
تحسم أمرها من المستوطن و لم تتخذ الموقف الصريح و الرسمي منه حتى تجهز
النفسية الجماعية الأحوازية تجاهه. و حتى و إن كان البعض يبرر ضبابية موقفه
و يستند إلى المنطق الدولي و الظروف الدولية التي تحيط بقضيتنا و
تنظيماتها باعتبارها لا تشجع الخوض في صلب هذا الموضوع و اتخاذ الموقف
الرسمي و الصريح تجاهه. فمن المفترض أن تُرسم استراتيجية بعيدة المدى
للتعامل مع هذه المشكلة. و تبدأ هذه الاستراتيجية من خلال ترسيخ مفهوم
المستوطن في العقل الجماعي الأحوازي باعتباره جزء من الاحتلال الفارسي و
عنصرا مهما من عناصره، و أيضا من خلال رفع شكاوي و ملفات للجهات المعنية
بالقضية الأحوازية و بالشرق الأوسط . حتى يصبح اتخاذ الموقف تجاهه في
المستقبل سريعا و صارما و بأقل التضحيات و دون عناء.
إبراهيــم مهــدي الفاخــر
ah_ah@live.no
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق