من المعروف أن السفارة في
البلد الذي تعتمد فيه تنقل صورة عن الأوضاع المحلية الى بلدها، ولاشك في
ان السفارة الإيرانية في الكويت تقوم بذلك يومياً كماتنقل سفارتنا الكويتية
في طهران الأوضاع هناك لاطلاع المسؤولين لدينا، وهذا ليس بسر فهذه أمور
معروفة ومشروعة في العلاقات الدبلوماسية بين الدول، وبالتالي فان إيران
تعلم بأن قضاءنا نزيه وعادل من خلال المذكرات التي ترسلها لبلادها تذكر
فيها كل مايتعلق بالأمور الداخلية في الكويت، لكن وزارة الخارجية الإيرانية
أصدرت بياناً تستخف فيه بقرار محكمة الاستئناف الكويتية الذي صدر منذ أيام
وحكم بالمؤبد بدل الاعدام على أفراد شبكة التجسس الإيرانية وعددهم سبعة
اشخاص كانت محكمة الجنايات تنظر في قضيتهم منذ عام مضى، واذا كان هذا رأي
الحكومة الإيرانية فما هو رأي العالم بمايدور داخل إيران، فلننظر مثلا الى
الوضع الداخلي في إيران من وجهة نظر قانونية ولن نتحدث عن علاقاتها
الخارجية وماسواها، وسوف يتأكد لنا وجود ظلم واسع النطاق مع انتهاك لحقوق
المواطنين وقمع لحرية التعبير واعتقال لصحافيين وماالى ذلك. تقول
الصحافية الإيرانية فيروز فارزامي بمقال نُشر في صحيفة نيويورك تايمز
الامريكية بتاريخ 27 نوفمبر 2004 «ان رجال الدين في مدينة قم يستطيعون
الاتصال هاتفياً بأي قاضٍ في إيران والطلب منه تشديد الحكم بحق أي شخص يجرؤ
على مساءلة السلطات عن اعمالها الدينية، أما خلال السنوات التي أعقبت
الثورة الإيرانية عام 1979 فقد تم القبض على كثير من المفكرين الإيرانيين
ومصادرة كتبهم التي تم ارسالها الى معمل معين لتحويلها الى «عجينة ورقية»
وكانت من بين هذه الكتب كتاب رأس المال لكارل ماركس، ومنذ ابريل 2000 تم
اغلاق 110 صحف يومية ومجلات مع سجن العديد من الصحافيين»، انتهى كلام
الصحافية وبالطبع لايقتصر الأمر على سجن الصحافيين وانما يشمل أيضاً
الكتّاب والفنانيين والطلاب وملايين الشباب المحُبط في إيران الآن. وهناك
أيضاً مظهر آخر للتعسف بحق المواطنين فقد منعت الحكومة مرشحين معينين من
الترشح في مواجهة السيد احمدي نجاد اثناء انتخابات عام 2009 وكانت النتيجة
ان خرجت جماهير كبيرة من الإيرانيين الى شوارع طهران للاحتجاج على النتائج
فاستخدمت الشرطة العنف ضدهم وألقت القبض على الآلآف منهم وتمكنت اجهزة
الأمن الإيرانية بمافيها جهاز الاستخبارات وجهاز الشرطة والباسيج وهو تنظيم
شبه عسكري من اختراق صفوف المعارضة وتفريق التظاهرات، بل لقد اعتبرت
الحكومة ان حديث المواطن مع وسائل الاعلام الاجنبية عن نتائج الانتخابات
بمثابة «ارسال معلومات لاجهزة الاستخبارات الاجنبية»، وان الانترنت وشبكات
التواصل الاجتماعي كالفيسبوك والتويتر خطر يهدد سلطتها، وفي شهر يناير من
العام الماضي حكم القضاء الإيراني بالسجن لستة أشهر على فايزة هاشمي وهي
عضو سابق في البرلمان الإيراني وابنة السيد آية الله هاشمي رفسنجاني رئيس
ما يسمى بمجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران وذلك بتهمة المشاركة في
التظاهرات الشعبية ضد الحكومة، ومن ناحيتها أشارت احدى المصادر السياسية
الأجنبية إلى ان القيادة الإيرانية تنتهج «النموذج الصيني» في اواخر
الثمانينات والذي يقضي بالتنكيل بأي رأي يعارض السلطة ولما قامت التظاهرات
في شوارع الصين تطالب بمزيد من الحقوق الديموقراطية وحرية التعبير ردت
عليها الحكومة الصينية بالعنف والقسوة مماأثار انتقاداً حاداً في جميع
أنحاء العالم وفُرضت عقوبات على الصين التي أضطرت في النهاية الى الاستجابة
للضغوط الدولية فتغير الوضع الداخلي فيها تماماً، فهل عرفت إيران مغزى هذا
التحليل؟ واخيراً هناك ظلم اقتصادي آخر، فبسبب السياسة الخارجية الإيرانية
غير المعتدلة تدهور الوضع الاقتصادي المحلي فارتفعت نسبة التضخم مع انخفاض
مستوى الدخل للمواطن الإيراني وتدهور سعر صرف العملة الوطنية ازاء
الدولار، وهذا الوضع قد جعل كثيراً من الإيرانيين يشعرون بحنين الى حكم
الشاه حيث كانت الحياة المعيشية أفضل مماهي عليه الآن، لذلك يشعركثير من
الإيرانيين بالندم على تأييد الثورة والحكم القائم. هذا مع العلم بأن
الكويت طوال تاريخها السياسي لم تظلم أحداً من الدول ولم تتدخل في شؤون
الغير بل بالعكس يمكن تشبيهها بالانسان أو الجار الطيب الذي يُحسن الى جاره
من خلال «سياسة حسن الجوار»، وينفق المال على المحتاج من خلال «الصندوق
الكويتي للتنمية» ويدعو الى السلم من خلال «سياسة التعايش السلمي»،
ولانحتاج الى دلائل في هذا الخصوص لاثبات انسانية الكويت على الصعيد
الدولي، ولكن وفي المقابل ماذا فعلت إيران؟ لقد ارتبطت إيران بعلاقات قوية
مع إسرائيل في عهد الشاه وجاءت الثورة الإسلامية في عام 1979 فزعزعت الوضع
في الخليج، أليس في احتلال الجزر الإماراتية وتدخل إيران في العراق وفي
شؤون البحرين ظلماً، وأخيراً وليس آخراً أليس في تدخلها في لبنان ودعم
إيران للنظام السوري ظلماً للسوريين أو للشعب المغلوب على أمره؟
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق