ليس ثمة فرق كبير بين النزف و بين العزف ، إنه فقط نقطة واحدة ، مجرد نقطة تختزل كل بحار و محيطات سياسات المصالح التي لا تعرف لمبادئ الأخلاق سبيلا .
فبينما نرى و كل يوم سورية تغرق و تغوص في بحار من دماء الأبرياء الذين لا ذنب لهم إلا أن قالوا " نريد أن نعيش بحرية كسائر البشر ، بل حتى كسائر خلق الله من غير البشر ، فهل أقل من أن نطالب بحقنا بالعيش و لو كحيوانات أصبح لها حقوقا و مدافعين عن هذه الحقوق ؟ أو أن يتم استخدامنا كآلات تلبس لبوسا بشريا لا احساس لها و لا شعور إلا أن بحسن استخدامها يطول عمرها ؟
أربعون عاما و سورية مستنزفة بخيراتها و مواردها ، و أكثر من ذلك بكوادرها و متعلميها ، بل لا أبالغ ان قلت أنه تم استنزاف شعبها و كرها على كره بأخلاقه و كرامته بل و حتى بإنسانيته خلال هذه الأربعين عاما .
أربعون عاما و نهارات سورية نوح و بكاء و خيام عزاء و لياليها قليل من الكلاب و كثير من لصوص و سارقي أحلام الأبرياء .
و على الضفة الأخرى نجد دولة إيران الإسلامية و التي رفعت راية التوحيد عالية خفاقة ، دولة الآيات و الملالي و التي ما فتئت و منذ قيامها تعزف لحن مصالح العرق الصفوي تحت تلك الراية ضاربة عرض الحائط بكل مضامين هذه الراية .
فهاهي تلعب في سورية الحليفة الربيبة على الحبلين ، فتضرب تارة على حافر النظام و تضرب أخرى على مسمار الثورة ، فهي تمد يد العون لربيبها النظام في سورية ، سواء كان ذلك العون سياسيا أو عسكريا أو اقتصاديا ، و في المقابل و حتى لا تقطع شعرة معاوية و تفقد أملها في امتدادها المصلحي فقد استقبلت وفودا من المعارضين السوريين و تخرج علينا بين الفينة و الأخرى من خلال مشعوذيها لتندد بكل أعمال العنف و القتل الدائرين في سورية سواء أكان ذلك من النظام أو من المعارضة .
و ها هي دولة الملالي ترقص على الحبل السعودي ، فبينما تشحذ خنجر أبي لؤلؤة المسموم ليغتال السفير السعودي في أمريكا ، نجدها تهرول إلى الرياض لتعزي بوفاة الأمير سلطان بن عبد العزيز رحمه الله باكية عليه بدموع التماسيح ، مطبقة بذلك قول
المثل الشعبي " يقتل القتيل و يمشي في جنازته " أو بمثل أقرب شبها " ق... و عينها قوية " .
إن ايران يا صاحبي التي استماتت و هي تدافع عن نظام مجنون ليبيا في شهور نزعه الأخير هي ذاتها إيران التي فرحت و هللت و كبرت بسقوط ذلك النظام ، بل لقد كانت في ذلك ملكية أكثر من الملك عندما تمنى أحمدي نجاد أن يتم إلقاء القبض على ذلك المجنون بدل قتله ليستفيد المجتمع الدولي من كنز أسراره التي ماتت معه .
إنها إيران التي تدس أنفها في كل شاردة و واردة تحدث في خليجنا العربي و التي تحلم و تعمل جاهدة منذ نشأتها الصفوية على تحقيق ذلك الحلم بأن تحوله ليكون خليجا فارسيا ، إلا أن الخليج و مياه الخليج تأبى ذلك مرددة قول اللشاعر السوري عمر الفرا " ما أريدك ما أريدك حتى لو تذبحني بايدك .....".
إنها إيران التي تتلاعب بحوثيي اليمن و بأخوة ترابنا البحرينيين و التي جعلت من هؤلاء و أؤلئك كريشة في مهب ريح ، و غيره و غيره .
ما هذا إلا غيض من فيض ألاعيب دولة الملالي الذين لا هم لهم إلا مراعاة مصالحهم العنصرية على حساب راية التوحيد التي يرفعونها كشعار لهم ذرا للرماد في العيون . فمتى يدرك السوريون ذلك و متى يعون أن وقوف ايران في صفهم ليس لسواد عيونهم بل لغاية في نفس الملالي يريدون قضاءها ؟.
و هل لهم " أي السوريون " ان يدركوا أن عودتهم الى عقولهم و الى حاضنتهم العربية هو الوضع الطبيعي للسياسة التي يجب ان يسيروا في ركبها حتى لا تغرق السفينة بمن فيها ؟
أما آن الأوان لنظام الحكم في سورية أن يفهم أن العزف الايراني محصور بأوتار مصالهم و، و انهم لا يغنون الا على ليلاهم ، حتى ولو على حساب اقرب حلفاءهم في المنطقة، و يوقف هذا النظام نزف الهوية السورية ؟
فاضل الاحوازي ...ahwazi_fadel@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق